الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الأكل

السؤال

هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأكل على مائدة؟ إذا كان الجواب بنعم فكم ارتفاعها عن الأرض؟ وهل أن الأكل على مائدة مرتفعة عن الأرض يعد من الكبر حتى وإن جلس صاحبها الجلسة الصحيحة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي فهمناه من كلامك أنك تقصد بالمائدة ما ارتفع عن الأرض كالخوان، فإن كان كذلك فقد بين أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان ولا مائدة مرتفعة، وإنما كان يأكل على السفرة ونحوها مما يبسط. وقد كانت تلك عادة العرب، وإليك كلام أهل العلم في ذلك قال أبو عبد الله الحكيم الترمذي في نوادر الأصول: ( باب في النهي عن الأكل على الخوان وفي السكرجة والمرقق) وذكر فيه حديث قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: ما أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خوان قط ولا في سكرجة ولا خبز له مرقق. قلت لأنس فعلى ما كانوا يأكلون؟ قال على السفر. فالخوان هو شيء محدث فعلته الأعاجم، والعرب لم تكن لتمتهنها، وكانوا يأكلون على السفر... فإن قال قائل فقد جاء في الأخبار ذكر المائدة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصلي الملائكة على الرجل ما دامت مائدته موضوعة. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لو كان الضب حراما ما أكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال فرقد رأيت محمدا صلى الله عليه وسلم وطعمت على مائدته الطعام، فالمائدة كل شيء يمد ويبسط مثل المنديل والثوب والسفرة.. فالخوان هو المرتفع عن الأرض بقوائمه والمائدة ما مد وبسط والسفرة ما أسفر عما في جوفه.. وعن الحسن رضي الله عنه قال الأكل على الخوان فعل الملوك، وعلى المنديل فعل العجم، وعلى السفرة فعل العرب. انتهى. وقال في عون المعبود: والتحقيق في ذلك أن المائدة هي ما يبسط للطعام سواء كان من ثوب أو جلد أو حصير أو خشب أو غير ذلك. فالمائدة عام لها أنواع منها السفرة ومنها الخوان وغيره، فالخوان بضم الخاء يكون من خشب وتكون تحته قوائم من كل جانب، والأكل عليه من دأب المترفين لئلا يفتقر إلى التطأطؤِ والانحناء. فالذي نفي بحديث أنس هو الخوان، والذي أثبت هو نحو السفرة وغيره. والله أعلم. انتهى منه. وقال المناوي في فيض القدير: وكأني بك تقول يشكل بقولهم لم يأكل المصطفى صلى الله عليه وسلم على خوان فنقول كلا لا إشكال إذ المائدة ما يمد للأكل عليه كما تقرر، وأما الخوان فهو المرتفع من الأرض بقوائمه. فهذا كلام أهل العلم في ذلك وهو يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل على مائدة أي الخوان المرتفع إذ لم يكن من عادة العرب ولما يدل عليه من الترف. وعدم فعله إياه استنبط منه بعض العلماء كراهة ذلك الفعل من باب التنزه عما يؤدي إلى الكبر والترف ونحوه. وراجع الفتوى رقم: 4528

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني