الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم العمل في تنظيف أماكن اللهو الحرام

السؤال

السلام عليكمزوجي يشتغل في التنظيف في مكان يتخذه الكفار للرقص وشرب المشروبات الكحولية وغيرها أثناء الليل غير أن زوجي ينظف في النهار، هل يجوز هذا الشغل؟ وإن كان لا يجوز، فما حكم المال الذي تقاضاه؟جزاكم الله خير. أسرعوا بالجواب.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإنه قبل الجواب عن هذا السؤال لابد من بيان أمور مهمة وهي:
أولاً: اتفق العلماء على أنه يحرم على المسلم أن يعمل خادماً عند الكافر: يغسل له ثيابه، أو يكنس له داره، أو يطبخ له طعامه.. لأن في ذلك إهانة للمسلم وإذلالاً له، وتعظيماً للكافر، واحتجوا بقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) [النساء: 141].
ثانياً: إذا أجرّ المسلم نفسه للكافر لعمل معين في الذمة، فهذا يتوقف على نوع العمل، فإن كان العمل مباحاً، كخياطة ثوب، أو بناء بيت، أو حمل متاع مباح، جاز بالاتفاق لأنه عقد معاوضة لا يتضمن إذلالاً ولا استخداماً.
قال ابن قدامة: جاز بغير خلاف نعلمه.
وإن كان العمل محرماً، فلا يجوز بالاتفاق كرعي الخنازير، أو حمل الخمر، أو سقيها..إلخ.
وإن كان العمل مشتبها فيه مثلما جاء في السؤال (التنظيف في مكان يتخذه الكفار للرقص، وشرب الخمر)، فإنه يلحق بالأقرب إليه، والأقرب فيما نرى بخصوص مسألتك هو: إلحاق هذا العمل بالمحرم، لأن هذا التنظيف وتهيئة المكان يعد إعانة لهؤلاء الكفار، وقد قال الله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة: 2].
والواجب على زوجك في هذه الحالة: ترك هذا العمل، والبحث عن عمل آخر بعيداً عن أماكن المنكر والمعصية.
وأما بخصوص الأموال التي اكتسبها زوجك من هذا العمل، فما أنفقه منها فأمره إلى الله، ونسأل الله أن يتجاوز عنه، وما بقي منها، فإن كان قادراً على الاستغناء عنه، فيجب التخلص منه، وإنفاقه في مصالح المسلمين العامة ككفالة الأيتام، وعلاج مرضى المسلمين بالمستشفيات، وبناء المدارس الإسلامية.
وليكن واثقاً أن الرزق بيد الله سبحانه، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، قال تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) [الطلاق: 2-3].
فلا يحزن لتركه، ولا يضق صدره بهذا الأمر، وليحرص على الرزق الحلال يبارك الله له فيه، وفي صحته، ويحفظ عليه نفسه وذريته.
نسأل الله لك وله التوفيق لما يحبه ويرضاه. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني