الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف المأمومين إذا قام الإمام في العصر للخامسة

السؤال

إذا قام الإمام إلى الركعة الخامسة في صلاة العصر لأنه نسي قراءة الفاتحة في إحدى الركعات, فقالوا له سبحان الله فأشار بيده وقال قوموا وهم متيقنون أنهم صلوا أربع ركعات ولم يعرفوا ما حصل للإمام فماذا عليهم أن يفعلوا ؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن على المأمومين في هذه الحالة أن يسبحوا للإمام كما فعلوا ولا يتبعوه في الزيادة المتيقنة بالنسبة لهم، ولو أشار إليهم أو كلمهم لأنهم على يقين منها، فمن اتبعه عمداً عالماً بتحريم متابعته في الزيادة بطلت صلاته ، فإن لم يرجع انتظروه حتى يرجع، فإن رجع إليهم انتظروه حتى يسلم فيسلموا معه لأن صلاتهم تامة ويسجدوا معه سجود السهو قال النووي في المجموع: فمتى سجد الإمام في آخر صلاته سجدتين لزم المأموم متابعته حملا له على أنه سها ، بخلاف ما لو قام إلى ركعة خامسة فإنه لا يتابعه حملا له على أنه ترك ركنا من ركعة ، لأنه لو تحقق الحال هناك لم تجز متابعته ، لأن المأموم أتم صلاته يقيناً . انتهى

وفي الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي الشافعي : وسئل فسح الله في مدته عما إذا قام إمامه لخامسة هل الأولى انتظاره أو فراقه ، وفيما إذا كان مسبوقاً هل هو كغيره أو لا حتى تجوز مفارقته ؟

فأجاب بقوله : الأولى انتظاره وسواء المسبوق وغيره ، وعبارة شرحي للعباب : لو قام الإمام لزيادة كخامسة سهواً لم يجز له متابعته وإن كان شاكاً في فعل ركعة أو مسبوقاً علم ذلك أو ظنه ، فإن تابعه بطلت صلاته إن علم وتعمد . انتهى

هذا ما على المأمومين أن يفعلوه إذا قام الإمام إلى خامسة وقد سبق توضيح هذا المعنى في الفتوى رقم : 60356 ، والفتوى رقم : 64875 ، وأما هذه الصلاة التي تكلم الإمام في صلبها ، بقوله قوموا قبل أن يشير أو يسبح إن لم يكن ناسياً فإنه بكلامه هذا تبطل صلاته لأنه فعل فعلا ظاهراً تبطل به الصلاة ، وتبطل به صلاة المأمومين إذا لم ينووا مفارقته ، وانظر الفتوى رقم : 45353 ، قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع بعد أن ذكر الإجماع على بطلان الصلاة بالكلام عمداً ( والثاني ) : أن يتكلم لمصلحة الصلاة بأن يقوم الإمام إلى خامسة فيقول : قد صليت أربعاً أو نحو ذلك فمذهبنا ومذهب جمهور العلماء أنه تبطل الصلاة ، وقال الأوزاعي لا تبطل ، وهي رواية عن مالك وأحمد لحديث ذي اليدين ، ودليل الجمهور عموم الأحاديث الصحيحة في النهي عن الكلام ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : من نابه شيء في صلاته فليسبح الرجال وليصفق النساء . ولو كان الكلام مباحاً لمصلحتها لكان أسهل وأبين ، وحديث ذي اليدين جوابه ما سنذكره إن شاء الله تعالى ( الثالث ) : أن يتكلم ناسياً ولا يطول كلامه فمذهبنا أنه لا تبطل صلاته ، وبه قال جمهور العلماء . انتهى

ويرى بعض أهل العلم أن الصلاة لا تبطل بالكلام جهلاً ، قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين في شرح الممتع: وكذلك لو تكلم في صلب الصلاة ناسياً أو جاهلاً لا تبطل على القول الراجح ودليله قوله تعالى : وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ {الأحزاب: 5 } انتهى بتصرف قليل، وذكر الشيخ مع هذه الآية حديث معاوية بن الحكم وقد أشرنا إلى هذا المعنى في الفتوى رقم : 9865 ، وللفائدة انظر الفتوى رقم : 43655 ، والفتوى رقم : 49596 .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني