الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العمل في تصميم البرامج التي تستخدم في الحرام

السؤال

فضيلة الشيخ حفظك الله ونفع الله الأمة بعلمكأنا أعمل في دائرة حكومية في قسم برمجيات الحاسوب في دولة خليجية مسؤولة عن إصدار الرخص التجارية للشركات والمؤسسات يقوم عمل الدائرة على منح تصاريح بمزاولة العمل للمؤسسات والشركات مثل المدارس، شركات المقاولات و أيضا البنوك بأنواعها وأنا من أحد الأشخاص الذين قاموا على إنشاء برنامج الحاسوب الذي يقوم بإصدار هذه التراخيص وفي بعض الأحيان يتم الطلب بالتعديل على البيانات المدخلة إلى نظام الحاسب من قبل الموظفين المسؤولين عن إصدار التراخيص ومن ثم نقوم بهذا التعديل المطلوب على البيانات، مع العلم أن مسؤوليتي تنحصر فقط بعمل نظام الحاسوب ولست بصاحب قرار بأي شئ يتعلق بهذه التراخيص فما الحكم في عملي ؟ وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كنت تعلم أن البرامج التي تقوم بالمشاركة في إصدارها ستستخدم في عمل محرم ، فلا يجوز لك المشاركة في إصدارها ، وذلك لأن الوسائل لها أحكام المقاصد فكل وسيلة موصلة إلى محرم ومعصية تكون محرمة قطعا ، والله جل وعلا يقول : وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2 }

وعليك عند التيقن أو غلبة الظن باستخدام هذه البرامج في شيء محرم أن تترك هذا العمل فورا وتبحث عن عمل غيره يسد حاجتك وحاجة من تعول ممن تجب نفقتهم عليك ، فإن لم يتيسر لك عمل غيره ولم يكن عندك مال تنفق منه على نفسك وعلى من وجبت عليك نفقته فلا مانع من البقاء فيه ، وإنما أبحنا لك البقاء في العمل مع حرمته للضرورة وذلك لقوله تعالى : وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: 119 }

والذي يجوز لك أخذه في هذه الحالة هو ما يكفي لسد حاجتك ومن تعول ، لقوله تعالى : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة: 173 } والقاعدة تقول : الضرورة تقدر بقدرها ، وقد نص بعض العلماء الشافعية كغيرهم على أن الحاكم الذي يقضي بين الناس يجوز له أن يتقاضى أجرا على ذلك من الخصمين للضرورة ، لأن الأصل عدم الجواز ، وشرطوا لذلك شروطا منها : أن يكون ما يأخذ غير مضر بالخصوم ولا زائد على قدر حاجته ، انظر فتاوى السبكي ، وقال النووي نقلا عن الغزالي في معرض كلامه عن المال الحرام والتوبة منه : وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيرا ، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم ، بل هم أول من يتصدق عليه ، أما إذا كنت تصمم هذه البرامج ولا علم لك بما تستخدم فيه ، أو غلب على ظنك أنها لا تستخدم في محرم فلا نرى مانعا من المشاركة في إصدارها والاستمرار في العمل الخاص بها .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني