الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العاقل يتخذ من الخطأ سلما للنجاح

السؤال

أنا مشكلتي أنني لا أثق بالآخرين وتوسعت هذه المشكلة حتى أصبحت لا أثق بنفسي ، لا أثق أني سأنجح في الدراسه الجامعية ولا أن أتحسن في اللغة الإنجليزية ، أحس أني إنسان فاشل في كل شيء ، ماعندي جرأة لأواجه المستقبل ، عايش في قلق وخوف دائم . إلى متى سأظل ضعيفا وخائفا وقلقا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي أن تعلم أيها الأخ الكريم أنه لا مشكلة لديك في الواقع ، وإنما هي أوهام يبعثها الشيطان في نفسك فيوسوس لك بها فيعدك الفقر والجهل والكسل والخمول، فلا تطعه فيما يعدك به من ذلك، قال الله تعالى : وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا {النساء: 119 ـ 120 } والمسلم ينبغي أن يكون قوي العزيمة، ماضي الإرادة، مستعينا في كل أموره بالله سبحانه وتعالى. ولتعلم أنه ما من أحد يبذل جهده ويجد في عمله أو دارسته إلا وجد النتيجة ، هذه سنة الله تعالى في هذا الكون، فالله تعالى ربط الأسباب بالمسببات ، ولهذا قالوا : من جد وجد ، ومن زرع حصد . وإذا فشل المرء في عمل ما فلا يعني ذلك فشله فيه دائما أو فشله في غيره، بل ينبغي أن يعتبره نجاحا لأنه قد عرف طريقا خاطئا سيتجنبه فيما بعد، وهكذا يفعل الناجحون في عملهم ولا يحسبون الشر ضربة لا زب .

ولتعلم أن الرسوب في الامتحان يجب أن يكون حافزا قويا يدفعك للجد والاجتهاد ، فالحياة تجربة ، وقد أخذت تجربة من السنة الماضية وعلمت السبب في رسوبك فعليك أن تتجنبه ، وهكذا في كل عمل أو علاقة أو قول أو غيره ، والتفاؤل الحسن خير، ففي سنن ابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل الحسن، ويكره الطيرة .

قال الحافظ ابن حجر : وإنما كان صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل لأن التشاؤم سوء ظن بالله تعالى بغير سبب محقق ، والتفاؤل حسن ظن به ، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال .

وقد رغبنا الشارع في الأخذ بأسباب القوة فقال صلى الله عليه وسلم : المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز ، وإن أصابك شيء فلا تقل : لو أني فعلت كان كذا وكذا ، ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل ، فإن لو تفتح عمل الشيطان . رواه مسلم

والحاصل أن الرسوب والفشل والخطأ يحصل لكثير من الناس، ولكنهم ينهضون ويستفيدون من تجربتهم السابقة .

وتعميم الأحكام على كل الناس أو كل الأعمال خطأ فادح وتهور قادح، فإذا خانك شخص أو أكثر فلا يعني ذلك أن كل الناس خونة ، وهنالك ميزات ينبغي للمرء أن يضعها نصب عينه عند اختيار صديقه ومعامله ، ومنها دينه وتقواه وورعه وصلاح حاله ونجاحه في عمله ودراسته وهكذا .

فاستعن بالله تعالى، وأحسن الظن به، واسأله التوفيق والسداد، وابذل السبب، ولن يكون إلا ما تتمناه بإذن الله ، ولا بأس أن تزور طبيبا نفسيا يعطيك بعض النصائح ويرشدك إلى بعض الحلول، مع يقيننا الجازم أنك إذا فعلت ما ذكرناه سيزول عنك ما تتوهمه وتخشاه بإذن الله .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني