الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لا تتم التوبة من شهادة الزور إلا بالتخلص من آثارها

السؤال

قام عمي رحمه الله قبل 15 بوضع أمانة هي 8 الآف دينار وهي تعويض عن حادث تعرض له هو وعائلته وتم تحصيله عن طريقة شهادة الزور التي شهد بها أبي لصالح عمي حيث إن سائق السيارة لم تكن عنده إجازة وقام أعمامه بتسديد المبلغ خوفا عليه لأنه كان يتيما وسافر عمي ووضع هذا المبلغ أمانة عند أبي وصرفه الوالد لأنه كان محتاجا له وحيث إن أبي وللأسف سفيه عند رؤية المال وصرفه هنا وهناك الآن الوالد معسر ولا يستطيع إعطاءه مرة واحدة فأصبح يرسل مبلغا وراء مبالغ منذ 10 سنوات ونقول له سجل ما ترسله ولكنه لا يسجل ولا يخبر أحدا من أولاده عن المبالغ التي يرسلها ومات عمي ونحن لا نعرف ما وصلهم حيث إن له زوجة وأبناء لا يعرفون الحق وأنكروا كل ما أرسله الوالد الآن ما العمل مع أب سفيه وأعمام لا يعرفون الحق ونحن في ذلك الوقت كنا صغارا والوالد يطالبنا بأن نسدد المبلغ الذي لا ينقص والوالد لا نعرف منه حقا ولا باطلا وكسبنا من العمل لا يكاد يكفي مصاريف إخوتنا ومالنا ممحوق البركة وذلك لما عرفتموه من تصرفات الوالد ماذا نفعل والكثير من الناس بعد موت أخينا الأكبر بمرض عضال وهو في ريعان شبابه يقولون إن هذا نتيجة أن أباكم أكل الأمانة والله المستعان أرشدونا ؟
ولك الشكر

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن شهادة الزور من أكبر الكبائر كما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر. أو سئل عن الكبائر؟ فقال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين. فقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال: قول الزور، أو شهادة الزور. قال شعبة: وأكثر ظني أنه قال: شهادة الزور. متفق عليه.

وبما أن شهادة الزور هذه ترتب عليها ظلم ذلك الذي قلت إنه يتيم، فإن واجب أبيك وكان من واجب عمك رحمه الله أن يتوب كل منهما إلى الله من هذه الشهادة، ومما أُخذ بها من المال بغير حق.

والمسلم مطالب بأن يتخلص من ظلم غيره في الدنيا قبل الموت؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه. رواه البخاري في صحيحه.

وإذا كان في وسع أبيكم أن لا يرجع ما تبقى من المال إلى ورثة أخيه، أو استرداد ما كان دفعه إلى أبيهم فليفعل، لأنه في الحقيقة ليس ملكا لهم.

وليحاول ما استطاع أن يرجع الثمانية آلاف إلى ذلك اليتيم وأعمامه، وإن توبته لا تتم إلا بذلك ، ثم إنه ليس من البعيد أن يكون سبب ما ذكرت أنه أصابكم من المصائب هو لإعراض أبيكم عن الالتزام بشرع الله. فقد قال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {طه: 124} .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني