الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أوقات النهي عن صلاة النافلة

السؤال

السلام عليكم و رحمة الله و بركاتهالرجاء الإفادة ما هي الأوقات التي لا تجوز فيها صلاة (حيث أنني أصلي أحياناً صلاة الظهر وأذان العصر يؤذن)

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد فرض الله سبحانه وتعالى الصلاة على المؤمنين في أوقات معلومة، قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتاً) [النساء: 103].
ولا يجوز تأخيرها حتى يخرج وقتها، وإنما يعذر بالتأخير النائم -غير المفرط- والناسي، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "(من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها)" رواه البخاري ومسلم. وفي لفظ: "(فإن ذلك وقتها)"، وفي حديث أبي قتادة: "(أما إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى، فمن فعل ذلك، فليصلها حين ينتبه لها)" رواه مسلم.
فمن فاتته صلاة حتى خرج وقتها، فليصلها حين يذكرها مباشرة، ولو كان ذلك في أوقات النهي، لما سبق من الأحاديث، إلا أن يخشى أن يخرج وقت الصلاة الحاضرة، فيصلي الحاضرة، ثم بعد ذلك يصلي الصلاة الفائتة.
أما أوقات النهي فمنها ما هو متفق عليه بين العلماء، ومنها ما هو مختلف فيه. قال ابن رشد - رحمه الله -: (اتفق العلماء على أن ثلاثة من الأوقات منهي عن الصلاة فيها، وهي: وقت طلوع الشمس، ووقت غروبها، ومن لدن تُصلى صلاة الصبح حتى تطلع الشمس.
واختلفوا في وقتين: في وقت الزوال، وفي الصلاة بعد العصر.
فذهب مالك وأصحابه إلى أن الأوقات المنهي عنها هي أربعة:
الطلوع، والغروب، وبعد الصبح، وبعد العصر. وأجاز الصلاة عند الزوال.
وذهب الشافعي إلى أن هذه الأوقات خمسة كلها منهي عنها، إلا وقت الزوال يوم الجمعة، فإنه أجاز فيه الصلاة، واستثنى قوم من ذلك الصلاة بعد العصر). بداية المجتهد (1/199).
أما الحنابلة فقد جعلوا أوقات النهي خمسة كالشافعي.
والمنقول عن أحمد رحمه الله أنها ثلاثة (المغني لابن قدامة 1/753).
والراجح أن أوقات النهي خمسة، لثبوت النهي عن الصلاة فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومما يدل على ذلك:
- حديث عقبة بن عامر الجهني حيث قال: "(ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيّهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيّف الشمس للغروب حتى تغرب") رواه مسلم.
ومعنى تضيّف: تميل مصفرة، وتقرب من الغروب.
فهذا الحديث أثبت ثلاثة أوقات للنهي وهي:
1- وقت طلوع الشمس.
2- وقت استواء الشمس قبل (الزوال).
3- وقت تضيف الشمس للغروب حتى تغرب الشمس.
- حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "(لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس)" رواه البخاري ومسلم.
فهذا الحديث أثبت وقتين آخرين من أوقات النهي وهما:
1- بعد صلاة العصر حتى الغروب.
2-و بعد صلاة الصبح حتى طلوع الشمس.
- حديث عمرو بن عبسة قال: قلت: يا نبي الله أخبرني عن الصلاة، فقال: "(صلّ صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس وترتفع، فإنها تطلع بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار، ثم صلّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الظل بالرمح، ثم أقصر عن الصلاة، فإنه حينئذ تسجر جهنم، فإذا أقبل الفيء، فصلّ، فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى تصلي العصر، ثم أقصر عن الصلاة حتى تغرب، فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار)" رواه أحمد، ومسلم.
فهذا الحديث جامع لأوقات النهي مع ذكر الحكمة من النهي حال طلوع الشمس وغروبها، والحديث مشتمل على معان عظيمة، وأحكام كثيرة لا يتسع المقام لذكرها.
وعلى أية حال، فلا يجوز التنفل المطلق في أوقات النهي، ما عدا ذوات الأسباب، كتحية المسجد، وركعتي الطواف، وقضاء الفرائض، فإنها مستثناة من النهي. والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني