الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التعدي على حقوق المؤلفين والمبتكرين

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا... والصلاة والسلام على أشرف المرسلين المبعوث رحمة للعالمين... إخوتنا ومشايخنا الكرام.. أما بعد:
مع التطور التقني الذي يسير فيه العالم اليوم فقد أصبح بمقدور الإنسان كفيف البصر أن يستخدم الكمبيوتر بكل سهولة ويسر إذا توافرت له العدة التي تعينه على ذلك، كما أصبح بإمكانه تصفح مواقع الإنترنت.. وتجدر الإشارة هنا إلى أن البرامج المعدة للكفيف كوسيلة مساعدة لاستخدام الكمبيوتر تعلو جودتها عند استخدام النصوص الإنجليزية، وتنخفض نوعاً عند استخدام النصوص العربية (من حيث نوع الخط المستخدم على الأقل حسب معلوماتي الحالية).. فكر بعض المهتمين بهذه الفئة من المجتمع أن يعدوا برامج تحوي موسوعات من الكتب الثقافية والتاريخية والفقهية و... إلخ، عندما علمت بهذه الفكرة أعجبتني كثيراً، وأحببت أن أبذل جهداً في هذا المجال، لا سيما أنهم فكروا بإنشاء مكتبة للأطفال المكفوفين، خاصة وأن الأمر لا يعدوا اختيار بعض المواضيع الجاهزة من المواقع وتعديلها لتناسب الكفيف (من حيث الاطلاع والقراءة).. ثم تذكرت حقوق الطبع!! سؤالي هنا هو: هل يكفي أن نشير إلى المواقع التي تم الاقتباس منها، أم هل علينا الاستئذان والحصول على الموافقة، أم أن علينا الرجوع إلى أصحاب الكتب الأصلية، مع ملاحظة أن هذا العمل قد يكون خيرياً ويظل خيرياً، وقد يتحول إلى عمل يباع لتلك الفئة (وذلك في المستقبل- لا أظنه القريب)، قد تكون فكرة البيع غير واردة، ولكني أسبق الأحداث... مسألة متعلقة: تقوم جمعيات المكفوفين في العالم بطباعة الكتب (المنهجية أو الثقافية) على الوورد ليتم تحويلها إلى خط برايل ليتمكن الشخص الكفيف من قراءتها، وكذلك تقوم بتسجيل بعض الكتب على أشرطة كاسيت وربما على أقراص CD لتتاح أكبر فرصة تسمح للكفيف بالاطلاع والتعلم، ومن هذه الجمعيات مؤسسات -في أساسها- قائمة بنفسها وببعض المجهودات الخيرية التي يرزقها الله بها.. فما حكم بيعها لتلك الكتب المطبوعة برايل أو المسجلة صوتياً، مع العلم بأن ثمن هذه المواد لا تغطي من التكاليف المصروفة لإنجازها إلا القليل القليل، أشعر بصفتي إنسانة عاشرت تلك الفئة وعرفت احتياجاتهم ومشاكلهم أن هذا الأمر يحتاج إلى دراسة وافية متكاملة من مشايخنا الكرام؟ وجزاكم الله عن عباده خير الجزاء، وألهمكم الصواب والسداد في فتاواكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فحق التأليف والإنتاج والابتكار هو ما يسمى بالملكية الأدبية والفنية، وهو حق لا يجوز التعدي عليه أو انتحاله، ويحفظ لصاحبه حقه المالي والأدبي فيه، إلا أن يسقط ذلك باختياره وإرادته، وبهذا أفتى أكثر علمائنا المعاصرين.

والمعلومات التي تنشر في مواقع الإنترنت أو في الكتب المؤلفة تعتبر ملكاً لأصحابها وحقا خالصاً لهم, لا يجوز الاعتداء عليه، ولكن غالب المواقع تأذن في الانتفاع بموادها العلمية بالنسخ والتحميل لغرض الاستفادة الشخصية فقط، لا للاتجار بها.

وعليه فإذا نص على أن حقوق الطبع محفوظة فإنه لا يحل نسخها إلا بإذن من أصحابها، وإذا لم ينص على أن حقوق الطبع محفوظة كان ذلك دالا على الإذن في الاستفادة من ذلك الانتاج، وحينئذ تكفي الإشارة إلى المواقع التي تم الاقتباس منها، ولا داعي إلى الرجوع إلى المؤلف نفسه، لأنه في الغالب لا يكون حيا، ولأنه على تقدير حياته لو لم يكن راضياً بنشر إنتاجه لأبلغ بذلك المواقع التي نشرته، وأما بيع شيء من ذلك الإنتاج، فإنه في الغالب يتنافى مع غرض صاحب الحق، وبالتالي فلا يجوز إلا بإذن منه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني