الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يعتمد اختبارDNA لتحديد نسبة المولود

السؤال

أنا محامي في سنغافورة أمارس قانون الشريعة حالياً عندي قضية، زوجة عميلي تقدمت بطلب الطلاق، وعميلي يوافق على ذلك، لهما ولد عمره سنة، وعميلي يشك بأن زوجته كانت لها علاقات مع شخص آخر وأن الطفل أنجب منه، ويريد إجراء اختبار DNA ليتأكد ، اعترض محامي الزوجة مستندا إلى قاعدة أن الولد للفراش، وهذا الأصل غير خاضع للجدل، ويصيف أيضا بأن فقهاء أهل السنة متفقون على أن مدة حمل الطفل إذا كان فوق ستة أشهر من تاريخ الزواج فلا شك بأن الطفل للزوج فزرت موقعاً... قرأت فتوى بأن من علم بتحليل الدم أوبطريقة أخرى أن الطفل ليس له فعليه أن يعمل حسب علمه ويترك القاعدة المذكورة، عميلي وزوجته من أهل السنة، أجلت المحكمة القضية إلى 1/4/2001، هل هنالك فتوى أو أدلة تكون مساعدة لأنها نقطة مهمة، آمل الإجابة .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الشرع الإسلامي يغلب جانب السلامة والبراءة من الزنى وأنها الأصل، ولهذا صان ‏عرض المؤمن والمؤمنة، وحرم القذف، وجعله فسوقاً ورتب عليه الحد إذا كان بغير بينة، ‏كما أنه يغلب جانب الاحتياط في باب لحوق النسب، بحيث إنه لو وجد احتمال ولو ‏ضعيفاً لإلحاق الولد بمن تزوج من أمة أو تسرى بها حيث كانت مملوكة ألحقه به ونسبه ‏إليه. حتى ولو أقرت المتزوجة على نفسها بإنجاب أولاد من الزنى فإن ذلك -وحده- لا ‏ينفي نسبتهم من أبيهم صاحب الفراش، ما لم ينفهم هو بلعان، لقوله صلى الله عليه ‏وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر"، رواه الجماعة إلا أبا داود.‏
وأما بالنسبة للزوج: فإذا تحقق من زنا هذه المرأة أو غلب على ظنه فجورها وزناها بقرائن ‏قوية، وأن الولد المنسوب إليه ليس منه، فإن له أن يستند إلى التحليل الطبي، باعتباره أحد ‏القرائن ، وننبه في هذا إلى أمور: ‏
أولاً: يعتبر طلب اختبار ‏‎d.n.a ‎‏ قرينة على القذف بالزنا إذا لم يكن في الأحوال العادية ‏فلا يقدم عليه المرء إلا عند تأكده، أو وجود قرائن قوية تقارب اليقين في ذلك. ولا يكون ‏الاختبار هو أول الأدلة.‏
ثانياً: أن يكون هذا الاختبار من الناحية العلمية دليلاً صادقاً معتبراً. وهذا يحدده أهل ‏الاختصاص بالطب.‏
ثالثاً: ألا يكون هذا الاختبار عرضة للتلاعب بنتائجه من أي طرف.‏
رابعاً: أن يجري هذا الاختبار قبل الملاعنة، لاحتمال أن تخرج النتائج مؤكدة أن هذا الولد ‏من الزوج وليس من شخص آخر، لأن الملاعنة توجب الفرقة ونفي الولد.‏
ويجب عليه في حال توافر الأدلة نفي الولد عنه باللعان المعروف، والمذكور في سورة النور ‏في قوله تعالى: ( والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهدآء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم ‏أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين* والخامسة أن غضب الله عليه إن كان من الكاذبين* ‏ويدرء عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين* والخامسة أن غضب ‏الله عليها إن كان من الصادقين) [النور: 6،7،8،9] والولد لا ينتفي منه إلا بالملاعنة، ‏وهي واجبة عليه إذا تحقق زنا المرأة أو غلب على ظنه بقرائن قوية، لما أخرجه أبو داود ‏والنسائي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم: " أيما امرأة أدخلت على قوم مَنْ ليس ‏منهم فليست من الله في شيء" إلى آخره، والحديث وإن كان نصاً في المرأة إلا أن الرجل ‏في هذا مثلها لا فرق بينهما، فإنه إذا تحقق من فجور هذه المرأة، وأنها ألحقت بنسبه ما ‏ليس منه، ولم ينفه عنه فقد ألحق هو بنسبه ما ليس منه، فاستحق بذلك الوعيد الوارد في ‏الحديث. مع ما يترتب على عدم نفيه من مزاحمته لأولاده الحقيقيين في حقوقهم.‏
‏ والله تعالى أعلم.‏

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني