الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

دعاني صديقي للحضور إلى المحكمة للشهادة على حالة الطلاق لعمته ، حيث قال إن عمته مطلقة منذ 1990 ويحتاج إثبات حالة الطلاق لإحدى الدوائر الحكومية، فهل تجوز الشهادة على الحالة علما أني لا أعرف هل هي تزوجت بعد الطلاق أم لا .

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالأصل في الشهادة أن تكون عن مشاهدة وعلم، لقوله تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ {الزُّخرف:86}. وقوله تعالى حكاية عن إخوة يوسف: وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا {يوسف: 81}. فأخبر سبحانه وتعالى أن الشهادة تكون بالعلم، ولا تصح بغلبة الظن. ويستدل لذلك بحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل يشهد بشهادة، فقال لي: يا ابن عباس لا تشهد إلا على ما يضيء لك كضياء هذه الشمس، وأومأ رسول الله بيده إلى الشمس. وهذا يدل على أن الشهادة يجب أن يكون مستندها أقوى أسباب العلم وهي المشاهدة والعلم اليقيني.

قال ابن قدامة: في المغني: وما أدركه من الفعل نظراً أو سمعه تيقناً وإن لم ير المشهود عليه شهد به. وجملة ذلك أن الشهادة لا تجوز إلا بما علمه، بدليل قول الله تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، وقوله تعالى: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ، وتخصيصه لهذه الثلاثة بالسؤال لأن العلم بالفؤاد، وهو يستند إلى السمع والبصر، ولأن مدرك الشهادة الرؤية والسماع، وهما بالبصر والسمع. وروي عن ابن عباس أنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشهادة؟ قال: هل ترى الشمس؟ قال: نعم، قال: على مثلها فاشهد أو دع. رواه الخلال في الجامع بإسناده انتهى

كما لا يجوز لك أن تشهد على حالتها الآن من كونها مطلقة أوذات زوج استنادا أيضا على خبر صديقك أو إلى حالة سابقة لا يدرى ما حصل بعدها.

وأما الشهادة بالسماع فمن شروطها أن يكون السماع فاشيا مستفيضا. أما السماع من واحد أو نحوه، فلا تجوز الشهادة عليه.

وعليه؛ فلا يجوز لك الشهادة على هذا الطلاق استنادا على ما سمعته من صديقك، ويجب عليك التوبة من هذه الشهادة إن كنت قد شهدت بها.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني