الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الكناية في الطلاق

السؤال

لدي سؤال أرجو أن تعطوه بعضا من وقتكم إن كان طويلا برجاء سرعة الرد.
رجل مقيم في أوروبا كانت حياته مع زوجته منذ أول يوم زواج ملأى بالمشاكل والمشاحنات إلى أن أتى إلى زوجته بعد خمسة شهور من الزواج وقال لها لقد انتهت مدة إقامتك قانونا هنا وعليك أن تسافري إلى بلدك
ولحق بها فيما بعد ثم ذهب إلى أهلها وقال لهم أريد رفع الظلم عن ابنتكم ..أبقوا ابنتكم عندكم ..فرفض أهل البنت ذلك وظلوا يفاوضونه مع إصراره على أن تبقى البنت عند أهلها حتى قال له أهل البنت أنت تريد الطلاق إذا ..لكنه تراجع فيما بعد ورجعت إليه...فيما بعد أقر بأنه كانت نيته من الكلام مع أهل البنت الطلاق فهل ما قام به طلاق أو من كنايات الطلاق (أبقوا ابنتكم عندكم) بنظركم
وإذا علمتم أنه بعد سنة أو سنتين قال لها أنا أرفضك من داخلي وسأرسل بك إلى أهلك ... وبالفعل أرسل بها إلى أهلها ثم ذهب إليهم وردد نفس الكلام..أريد رفع الظلم عنها ..أبقوا ابنتكم عندكم ..وعادت المفاوضات إلى أن قالوا له أنت تريد الطلاق إذا، فلم ينف أنه لا يريد الطلاق بل قال (يللي بدكم ياه بيصير) باللهجة الدارجة في ذاك البلد.
ما رأي فضيلتكم ..هل هاتان طلقتان ؟؟
علما أنه كان قد أخفى زواجه الأول عن زوجته هذه وفهمت الزوجة من عدة مواقف أنه كان في نيته إرجاع الزوجة الأولى لكنها على ما يبدو اشترطت عليه أن يطلق الثانية أولا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقول الزوج المتقدم وهو (أبقوا ابنتكم عندكم) و (أنا أرفضك من داخلي) كنايتان من كنايات الطلاق, وذلك لأن الكناية الأولى بمثابة قوله (الحقي بأهلك ) والثانية بمثابة قوله (لا حاجة لي بك) وقد نص الفقهاء على أن هاتين العبارتين من كنايات الطلاق، قال في مواهب الجليل -وهو مالكي- معددا لكنايات الطلاق -: أو لا حاجة لي بك أو وهبتك لنفسك أو لأهلك، أو قال لهم شأنكم بها. اهـ، وقال النووي الشافعي في المنهاج: وكناية كأنت خلية... والحقي بأهلك. اهـ

والكناية لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، فإذا كان ينوي بها الطلاق فقد طلقت الزوجة. ونية الطلاق لا تعرف إلا من قبل الزوج، فإذا قصده بهاتين الكنايتين فقد طلقت المرأة طلقتين.

وأما قول الزوج لأهل الزوجة ما معناه (ما تريدونه سيصير) جوابا عن سؤالهم هل تريد الطلاق ؟ فليس بيانا لنيته الطلاق، وغاية ما فيه أنه مستعد لما يريدون بما في ذلك الطلاق.

وأما قوله (سأرسل بك إلى أهلك) فلا يقع به الطلاق ولو مع نية الطلاق، لأنه وعد بالطلاق وليس بتنجيز له.

وأما إرسالها إلى أهلها فلا يقع به الطلاق ولو مع النية، لأنه فعل، ولا يكون الفعل كناية، فالكناية إنما هي في القول وليس في الفعل.

قال في حاشية قليوبي وعميرة من كتب الشافعية في شرح قوله: (ولو كتب ناطق طلاقا ولم ينوه فلغو، وإن نواه فالأظهر وقوعه ) لأن الكتابة طريق في إفهام المراد كالعبارة، وقد اقترنت بالنية. والثاني لا يقع لأنها فعل والفعل لا يصلح كناية عن الطلاق لو أخرجها من بيته ونوى الطلاق، وقطع قاطعون بالأول وآخرون بالثاني. انتهى.

وقال الخرشي في شرح مختصر خليل: وأما لو فعل فعلا كضربها ونحوه وقال أردت به الطلاق فلا يلزمه شيء. انتهى

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني