الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الطلاق الثلاث بلغة أجنبية

السؤال

أرجو منكم سعة الصدر والصبر على طول سؤالي و قصتي(فمصير عائلة مسلمة من 4 أفراد مرتبط بهذه الفتوى) و آجركم على الله. عمري 40 سنة أعيش و أعمل في بولندا منذ 19 سنة (درست هنا الهندسة و الدكتوراه) متزوج زواجا إسلاميا و مدنيا مع بولندية منذ 6 سنوات ولدي 2 أطفال 3 سنوات (حسين) و 5 سنوات (محمد، علي) زوجتي أعلنت إسلامها بعد زواجنا (تصوم بانتظام و تصلي بغير انتظام. عندما كانت معي (3 سنوات) في بلدي الأصلي كانت ترتدي الحجاب عن اقتناع و لكن عندما عدنا الى بولندا نزعته مع العلم أن أطفالي ولدوا في مسقط رأسي)كنت أعاني من اضطرابات نفسية (انهيارات عصبية ووسواس..الخ..) و كنت مدمنا على الكحول من قبل الزواج و لكني كنت أصوم و أصلي بغير انتظام. بعد زواجي سنة 2000 تبت عن جميع المعاصي ما عدا مرض الإدمان على الكحول و منذ شهر 7 (جويلية) 2004 أعانني الله على أن أتوب فأقلعت عن الكحول و شفيت من الإدمان والامراض النفسية بعد علاج في مستشفى للأمراض النفسية و الإدمان.منذ ذلك الوقت بدأت أصلي و أصوم بانتظام وأطلب من ربي المغفرة و التوبة و بدأ ايماني بمشيئة الله يرتفع و الحمد لله وأصبحت ملتزما بديني و أخاف من المعاصي ومطبقا للشريعة في حياتي و محاولا قدر المعرفة و المستطاع التعريف بالإسلام و الدعوة لغير المسلمين عسى أن يغفر لي ربي ذنوبي.بعد ذلك الوقت بدأت زوجتي تصاب بأمراض نفسية و عصبية (مشكلة تأقلم في الحياة العائلية والزوجية هكذا قالت لها الطبيبة النفسية).مشكلتي الآن نحن تشاجرنا أخيرا فقلت لها في حالة غضب شديد أنت طالق 3 مرات ولكن ليس بالعربية بل باللغة البولندية. مع العلم أني قلت ذلك بالبولندية و في نيتي تخويفها (تأديبها لأنها تعرف أحكام الطلاق في الإسلام) لأني لم أجد طريقة اخرى في حالة الغضب التي كنت فيها. سؤالي هو ما حكم الشرع في حالتي مع العلم أن كلمة طالق (3 مرات) قلتها بالبولندية. مع العلم أنه لو تم الطلاق فحسب القانون في بولندا الأم تاخذ معها الأبناء و ربما تمنعهم من زيارة أهلي في بلدي الأصلي فتنقطع صلتهم بدينهم وأهلهم. و عندها يربى أبنائي تربية غير إسلامية وربما ترتد زوجتي عن الإسلام وتتزوج من غير مسلم فيدخل أبنائي في دين آخر و العياذ بالله ( وربما تنحرف أخلاقها في محيط أوروبي منحط أخلاقيا) لأن شخصيتها ضعيفة. و لا أدري إن كنت سأتحمل نفسيا كل هذا و كون أطفالي و زوجتي لن يكونوا مسلمين و أكون أنا من بين تلك الأسباب. و أخاف أيضا من أن أقع في الحرام و المعاصي قبل وبعد قضية الطلاق لأن قضايا الطلاق تطول و بعدها من الصعب الزواج. خاصة و أني أعيش في محيط أوروبي لا يوجد فيه مسلمون آخرون يعينونني على حفظ نفسي من المعاصي و أخاف أيضا من أن أنهار و تعود لي أمراضي السابقة.. فأنا لا أريد الطلاق ولكني أيضا لا أريد معصية الله.أنقذوني و أرشدوني. إني منهار و حائر لكني راض بحكم الله و شرعه. أرجو منكم ان تدعوا لي و لعائلتي بأن يحفظنا الله من السوء والمعاصي ويثبت أقدامنا في الدنيا و الاخرة و أن يعيننا على حفظ ديننا و عرضنا و أن يغفر لنا. (لكل من يقرأ هذا السؤال) ادعوا بكل ما يخطر في بالكم من خير لأخيكم المسلم المؤمن التائب محمد و أبنائه محمد علي و حسين. (دعاء الغيب مستجاب إن شاء الله).فإني وحيد في محيط لا يوجد فيه أي مسلم و ليس لي إلا الله أشكو إليه همي و حزني و كفى بالله وكيلايرحمكم و يرحمنا الله.بارك الله فيكم و جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فليعلم أن الطلاق منه الصريح ومنه غير الصريح (الكناية) ، فالصريح يقع به الطلاق ولو بغير نية ، وأما الكناية فلا يقع بها الطلاق إلا إذا نواه ، والصريح هو اللفظ الموضوع للدلالة على الطلاق حقيقة ، مثل لفظ الطلاق ، وما اشتق منه ، وأما الكناية فهو لفظ يحتمل الطلاق ، ولم يوضع للدلالة عليه حقيقة ، مثل الحقي بأهلك ، هذا في اللغة العربية ، وفي اللغة الأعجمية كذلك على الراجح ، ومن العلماء من جعله كناية اقتصارا في الصريح على العربي. وراجع الفتوى رقم 44398 .

وعلى القول بأنه كناية فلا يقع به الطلاق إلا مع النية, ومن طلق زوجته ثلاثا بلفظ واحد ، (بقوله : أنت طالق بالثلاث ) أو بقوله : (أنت طالق أنت طالق أنت طالق ) ، بغير قصد التأكيد ، اختلف العلماء هل يقع عليها ثلاث طلقات أم واحدة ، جمهور العلماء على أنه ثلاث ، وذهب بعض العلماء إلى أنه طلقة واحدة ، وسبق بيانه في الفتوى رقم 5584 .

وانظر في حكم طلاق الغضبان الفتوى رقم: 1496

فالمسألة أخي السائل فيها ما رأيت من الخلاف بين أهل العلم مع أن الراجح عندنا في مثلها هو القول بوقوع الطلاق بالعجمية وبوقوع الثلاث في المجلس الواحد, لكن إذا كانت المفاسد التي ذكرتها والمترتبة على فراق هذه الزوجة محققة الوقوع ولا يمكن تفاديها بأي وسيلة أخرى, فنرى والله تعالى أعلم أنه لا حرج عليك في تقليد من يرى أن طلاق الثلاث واحدة فتراجع زوجتك على هذا القول .

وننصحك بالبعد عن أسباب الغضب, وبالبعد عن لفظ الطلاق بكل لغة, وحل المشاكل مع الزوجة بهدوء وعقلانية. ونسأل الله لكما ولأبنائكما الهداية والصلاح والثبات على دينه ، وأن يجنبكم الفتن ما ظهر منها وما بطن, كما نوصيك بالبدء بدعوة زوجتك إلى الالتزام بشرع الله تعالى, وخاصة الصلاة والحجاب وتخويفها من عقابه العاجل والآجل, وليكن ذلك بحكمة وموعظة, واستعن بالكتب والأشرطة والمواقع الإسلامية المفيدة, وفي موقعنا هذا ولله الحمد الكثير من ذلك. ثم اعلم أن الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا لضرورة وحاجة تشبهها, كما بينا في الفتوى رقم:2007.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني