الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وضوء صاحب السلس قبل دخول وقت الصلاة

السؤال

إذا توضأ صاحب السلس قبل دخول وقت الظهر لصلاة الضحى مثلاً، فهل يجوز أن يصلي الظهر بهذا الوضوء، مع العلم بأنه لم يخرج وقت صلاة معتبر، وكذلك إذا توضأ صاحب السلس قبل دخول وقت الفجر لصلاة القيام مثلاً، فهل يجوز أن يصلي الفجر بهذا الوضوء، أرجو الإفادة المباشرة دون الإحالة إلى أسئلة أخرى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالذي عليه الجمهور من الحنابلة والشافعية وأصحاب الرأي وهو قول أبي ثور أن المستحاضة ومن به سلس البول يلزمهما الوضوء لوقت كل صلاة، فإذا توضأ في وقت بطل الوضوء بخروج ذلك الوقت، قال ابن قدامة: فإن توضأ أحد هؤلاء قبل الوقت، وخرج منه شيء، بطلت طهارته، لأن دخوله يخرج به الوقت الذي توضأ فيه، وخروج الوقت مبطل لهذه الطهارة، كما قررناه، ولأن الحدث مبطل للطهارة، وإنما عفي عنه لعدم إمكان التحرز عنه مع الحاجة إلى الطهارة. وإن توضأ بعد الوقت صح، وارتفع حدثه ولم يؤثر فيه ما يتجدد من الحدث الذي لا يمكن التحرز منه. انتهى.

هذا إذا خرج منه شيء بعد الوضوء، أما إذا لم يخرج منه شيء فقد اختلف، هل يكتفي بالوضوء الأول أم لا بد من وضوء آخر؟ وقد نص على هذا الخلاف علماء الحنابلة، قال في الإنصاف في شأن المستحاضة: وتتوضأ لوقت كل صلاة إذا خرج شيء بعد الوضوء، فأما إذا لم يخرج شيء فلا تتوضأ على الصحيح من المذهب، جزم به في المغني والشرح وغيرهما. وقدمه في الفروع، ونص عليه فيمن به سلس البول. انتهى.

وقال في الفروع لابن مفلح: وتتوضأ لكل صلاة إلا ألا يخرج شيء، نص عليه فيمن به سلس البول. وقيل: يجب ولو لم يخرج، وهو ظاهر كلام جماعة. انتهى.

وقال في كشاف القناع عن متن الإقناع: وتتوضأ لوقت كل صلاة إن خرج شيء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش: توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت. رواه أحمد وأبو داود. انتهى.

واقتصر على الاكتفاء بالوضوء الأول الشيخ محمد بن صالح العثيمين في الشرح الممتع ولم يتطرق للقول بالوضوء مرة أخرى، ومعلوم أن صاحب السلس حكمه حكم المستحاضة، وبه يتبين أن صاحب السلس إذا توضأ قبل الوقت ولم يخرج منه شيء لم تبطل طهارته ويمكن أن يصلي بوضوئه أكثر من صلاة، إضافة إلى أن المالكية لا يجب عندهم الوضوء لوقت كل صلاة بالنسبة لصاحب السلس، ولكن يستحب له فقط إن لازمه السلس أكثر الوقت ولم يحصل ناقض آخر، وفي هذه الفتوى الإجابة عن السؤالين لاتحادهما في الحكم، ثم لا فرق بين أن يتوضأ من أجل أن يصلي نافلة أو أن يصلي فرضاً، أما إذا خرج حدث وقد كان توضأ قبل دخول الوقت فإن وضوءه ينتقض.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني