الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعجيل بعض الأجرة مقابل عدم دفع الإيجار

السؤال

جزاكم الله عني وعن كل المسلمين كل خير... أما بعد:
القضية أنني مستأجر لمحل تجاري من ورثة، والأخ الأكبر لهم هو الذي يعمل العقود الخاصة بي وبالمستأجرين الآخرين ويستلم الإيجارات بصورة مستمرة وطبيعية، وتم الاتفاق بيني وبينه على بناء صالة بخلف المحلات المؤجرة لي لأستفيد بتوسيعي للمحلات وأيضاً يستفيد من إيجاراتها، ولكن لم يوفق الله واعترض إخوته على هذا المشروع وعندها أعطيته وإخوته فرصة حوالي 4 شهور في إعادة التفكير لعل وعسى الله أن يوفق بين أفكارنا، ولكن لم يحصل النصيب فعندها طالبت هذا الأخ بما قد أعطيته من مبلغ لإنجاز هذا المشروع، فقام بخصم الإيجارات المستحقة من أصل هذا المبلغ بموافقتي وتحرير شيك بالمبلغ المتبقي مؤجل، ولكن قبل يوم من استحقاق الشيك جاءني وطلب مني مهلة 5 أيام، وذلك لأنه لا يملك من المال أي ريال واحد وعرض لي بنفس الوقت فكرة بأن نجعل المبلغ المتبقي لي بالكامل كمقدم إيجار، وأنني أحصل مقابل أني أجعله مقدما على فترة 18 شهراً لا أدفع إيجارها، بل هو سيدفعها له وللورثة الباقين، فلأجل جانبين جانب أني أخاف من مماطلته التي قد تدفع بنا في مشاكل، ولجانب آخر أغرتني الفكرة وافقت فقام من وقتها وحرر سندات استلام إيجارات بما يعادل المبلغ المتبقي لي بالإضافة إلى سندات استلام الإيجارات عن الـ 18 شهر الإضافية، بأنه استلم مبالغها بالكامل وكل هذه السندات بتاريخ ذلك اليوم ونفس تلك اللحظة حررت له تنازلا عن قيمة الشيك وأنه أصبح ملغياً وأني استوفيت كل حقوقي وكلمته بوقتها أنني سأعطيه بعد هذا كله 14 يوماً للتراجع عن هذا كله في حال أنه استطاع تجميع فلوسي وأخاف كل الخوف أني قد وقعت في شبهة أو ربا أو أي معصية، فأفيدونا بما أفادكم الله به من علم وتقبلوا منا فائق الاحترام والتقدير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالقرض إذا أدى إلى حصول منفعة لصاحب المال، فإن ذلك باب من أبواب الربا يدخل تحت القاعدة (كل قرض جر نفعاً فهو ربا)، فإذا كان العقد بينك وبين المؤجر وجيبة، بأن استأجرت منه المحل فترة من الزمن محددة -كسنتين أو ثلاث سنين ونحو ذلك- على أن كل شهر بكذا، فإذا عجلت له بعض الأجرة قبل وقته مقابل أن لا تدفع الإيجار عن ثمانية عشر شهراً، فإنك بذلك تكون قد أسلفته مقابل إعفائك من إيجار المدة المذكورة، وذلك لأن المعجل لما في الذمة يعتبر مقرضاً، والقرض إذا جر نفعاً للمقرض كان ربا كما بينا.

وأما إذا كان العقد بينك وبينه مشاهرة، وهي أن يؤاجر لك المحل على أن كل شهر مثلاً بكذا من غير تحديد مدة تنتهي إليها الإجارة، فهذا النوع من العقود صحيح عند كثير من أهل العلم، ولكل واحد من المتعاقدين فسخه متى شاء، فإذا أراد المؤجر أن تترك له المبلغ المذكور مقابل إعفائك من ثمانية عشر شهراً، كانت هذه وجيبة مستقلة، ولنضرب لهذا مثالاً حتى يتضح، فإذا كانت أجرة الشهر 4300 مثلاً، وافترضنا أن المبلغ المقدم 107500، فهذا يعتبر أجر خمسة وعشرين شهراً، فإذا تراضيتما على أن يكون هذا المبلغ عن ثلاثة وأربعين شهراً كان ذلك وجيبة وأجرة الشهر فيها 2500.

والحاصل أن ما ذكرته إن كان العقد الأول بينك وبين المؤجر عقد وجيبة كان ما تعاقدت عليه معه من جديد غير مباح، وإن كان عقد مشاهرة أو وجيبة منتهية المدة كان عقداً صحيحاً.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني