الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دائم الحدث إذا توضأ في الوقت هل يصلي به أكثر من فرض

السؤال

فضيلة الشيخ، قرأت في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل أنه لا يصح الوضوء قبل الوقت لأصحاب الأعذار أو صاحب السلس إلا لصلاة فائتة، من فضلك يا شيخ جزاك الله خيراً توضح لنا ماذا يقصد بالفائتة هل إذا توضأ صاحب السلس آخر وقت العصر وصلى العصر صح هذا الوضوء لوقت المغرب أي يمكن صلاة المغرب ومس المصحف بنفس الوضوء بعد غروب الشمس باعتبار أن العصر هو الفائتة وأن الوقت التالى هو المغرب، أو أنا فهمت خطأ والصح أنه يقصد إذا توضأ قبل وقت المغرب لصلاة مغرب فائتة من يوم سابق صح نفس الوضوء لصلاة المغرب الحاضرة بعد غروب الشمس، وكيف يقول الإمام أحمد ذلك بينما حديث الرسول صلى الله عليه وسلم توضأ لوقت كل صلاة، وحسب هذا الكلام هل يصح الوضوء قبل الوقت لأداء الطواف باعتبار أن الطواف صلاة ثم إذا دخل الوقت صلى بنفس الوضوء المغرب؟ وجزاكم الله خيراً على الرد.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذهب السادة الحنابلة رحمهم الله تعالى إلى أنه لا يصح الوضوء لدائم الحدث إلا بعد دخول وقت الصلاة، فإذا توضأ لها في وقتها فله أن يصلي به أكثر من فرض ما دام الوقت باقياً، فإن خرج الوقت بطل وضوؤه إن كان خرج منه شيء بعد الوضوء وإلا فلا، فلو توضأ لصلاة العصر مثلاً وصلاها ثم خرج وقتها فلا يصح أن يصلي به المغرب، بل لا بد من وضوء جديد لصلاة المغرب.

أما الصلاة الفائتة وهي التي خرج وقتها فإنه يتوضأ لها ويقضيها في أي وقت وتكون مستثناة من قولهم: لا يصح وضوء دائم الحدث إلا في الوقت ولو توضأ لحاضرة وهي صاحبة الوقت فله أن يصلي معها ما شاء من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة، وقد فصل ذلك ابن قدامة في المغني فقال: والمبتلى بسلس البول، وكثرة المذي، فلا ينقطع، كالمستحاضة، يتوضأ لكل صلاة، .... ويلزم كل واحد من هؤلاء الوضوء لوقت كل صلاة، إلا أن لا يخرج منه شيء، إذا ثبت هذا فإن طهارة هؤلاء مقيدة بالوقت، لقوله: تتوضأ عند كل صلاة. وقوله: ثم توضئي لكل صلاة. ولأنها طهارة عذر وضرورة، فتقيدت بالوقت، كالتيمم... فإن توضأ أحد هؤلاء قبل الوقت، وخرج منه شيء، بطلت طهارته؛ لأن دخوله يخرج به الوقت الذي توضأ فيه، وخروج الوقت مبطل لهذه الطهارة، كما قررناه؛ ولأن الحدث مبطل للطهارة، وإنما عفي عنه لعدم إمكان التحرز عنه مع الحاجة إلى الطهارة. وإن توضأ بعد الوقت صح، وارتفع حدثه، ولم يؤثر فيه ما يتجدد من الحدث الذي لا يمكن التحرز منه، فإن دخل في الصلاة عقيب طهارته، أو أخرها لأمر يتعلق بمصلحة الصلاة، كلبس الثياب وانتظار الجماعة، أو لم يعلم أنه خرج منه شيء، جاز. وإن أخرها لغير ذلك، ففيه وجهان: أحدهما: الجواز؛ لأنها طهارة أريدت للصلاة بعد دخول وقتها، فأشبهت التيمم؛ ولأنها طهارة ضرورة، فتقيدت بالوقت كالتيمم، والثاني: لا يجوز؛ لأنه إنما أبيح له الصلاة بهذه الطهارة مع قيام الحدث للحاجة والضرورة، ولا ضرورة ها هنا، وإن خرج الوقت بعد أن خرج منها شيء، أو أحدثت حدثا سوى هذا الخارج، بطلت الطهارة، قال أحمد في رواية أحمد بن القاسم: إنما أمرها أن تتوضأ لكل صلاة، فتصلي بذلك الوضوء النافلة والصلاة الفائتة، حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى، فتتوضأ أيضاً، وهذا يقتضي إلحاقها بالتيمم، في أنها باقية ببقاء الوقت، يجوز لها أن تتطوع بها، وتقضي بها الفوائت، وتجمع بين الصلاتين، ما لم تحدث حدثاً آخر، أو يخرج الوقت. انتهى.

وعلى ضوء ما سبق فلو توضأ للطواف قبل وقت صلاة المغرب فليس له أن يصلي به المغرب لأنه توضأ قبل دخول وقتها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني