الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشهادة من الأمور الخطيرة التي لا يتساهل فيها

السؤال

عائلة زوجتي كانت تمتلك مزرعة خاصة وشقة في أحد الضواحي ووالد زوجتي رجل كبير السن وكان في نيته منذ أن أشترى الشقة أن تكون باسم ابنته الوحيدة (زوجتي) وهى لها أخوان وفى رمضان الماضي اتفقوا على بيع المزرعة وتوزيع ثمنها بين الأخوين على أن يكون نصيب والدة زوجتي هو الشقة التي يقطنونها حالياً ونصيب زوجتي الشقة الأخرى مع الوضع فى الاعتبار أن كل الأملاك تكون باسم الوالد وبالفعل تم بيع المزرعة واشترى كل أخ شقة من نصيبه وكتبت الشقق الجديدة كما هو متفق باسم الوالد وبعد فترة قام الأخ الأكبر ببيع شقته واشترى شقه أخرى واتفق مع أمه بعلم أخيه وأخته أن الشقة الجديدة ستكون باسمه هو على أن يكتب لها فيها الثلث ووافقوا على هذا ولكن حدثت مشاكل تتمثل في أن هذا الأخ يريد الزواج من زوجة جديدة غير زوجته مع العلم أن له ولدا وثلاث بنات منهم ولد وبنت من زوجة سابقة وهذه الزوجة الجديدة لا يوافق عليها أحد لأسباب عديدة ويصر الأخ على الزواج والجميع يرفض هذه الزيجة ويرفضون تواجدها في الشقة الجديدة فأراد الأخ أن يقصى أمه ويبيع الشقة فوقف الجميع في وجهه وأراد شهادة زوجتي أن هذا الثلث الذي كتبه لأمه هوهبة أو هدية منه ومن حقه أن يسترد ما أعطى فرفضت زوجتي وأصرت على أنه حق أمها وذلك ليس لشيء سوى للحفاظ على حقوق أولاده فهو لا يراعى مستقبل أولاده وسؤالي هو هل حقاً هذا الثلث من حقها وهل زوجتي على حق في الدفاع عن أمها أم إنها تكون بذلك قد افترت على أخيها بغض النظر عن المشكلة الرئيسية آسف للإطالة ولكن أرجو الإفادة فلقد قال لها أخوها حسبي الله ونعم الوكيل وأنا أخاف عليها من أن تحمل الذنب إن كان ليس لأمها الحق في هذا الثلث علماً أنه كان قد كتبه بمحض إرادته في حالة بيعه للشقه هل للأم أن تأخذ الثلث على حساب ثمن الشقة الأصلي أم على حساب المبلغ الذي سيبيع به الشقة علماً أنها لم تساهم فى تجهيز الشقة وثمن الشقة الآن تقريباً ضعف ثمنها الأصلي
آسف للإطالة ولكن أردت توضيح جميع الجوانب وأسباب المشكلة. أرجوكم أنا وزوجتي نخشى الله وأخاف عليها من أن تتحمل ذنباً وهى ليس لها أي مصلحة؟
جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته من أن زوجتك وأخويها قد اتفقوا في رمضان الماضي على بيع المزرعة وتوزيع ثمنها بين الأخوين، على أن يكون نصيب والدة زوجتك هو الشقة التي يقطنونها حاليا، وأن نصيب زوجتك هو الشقة الأخرى، مع أن كل الأملاك تكون باسم الوالد...

أقول: إن هذا الاتفاق الذي حصل بين الإخوة، أو بينهم وبين أمهم، لم تبين لنا ما إذا كان أبوهم متفقا معهم عليه، أو أنه وقع بعد إذنه لهم فيه، أم لا.

ثم هل هو على سبيل التمليك أم لا؟

فإذا لم يكن الأب مشاركا في هذا الاتفاق أو آذنا فيه فإنه يعتبر لاغيا، لأن التصرف في ملك الغير لا يصح دون رضاه.

وعلى أية حال، فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن أهل العلم قد نصوا على أن من كبرت سنه وتغير عقله يحق لأوليائه أن يحجروا عليه. ولك أن تراجع في هذا فتوانا رقم: 18335.

فإذا كان أبو زوجتك قد بلغ سن الحجر فارفعوا أمره المحكمة الشرعية لتعين شخصا يقوم على أمواله، ولا يصرف منها شيء إلا في مصلحته هو أو في النفقات الواجبة عليه.

وإذا كان لم يبلغ سن الحجر فتصرفاته في ممتلكاته صحيحة وماضية إذا حيزت عنه حيازة شرعية.

ثم على تقدير صحة تصرفاته، فإن تمليكه والدة زوجتك الشقة التي يقطنونها حاليا لا يصح، لأن من تمام الهبة الحيازة وهي لا تصح ما دام الواهب يسكن ما وهبه. قال الشيخ أحمد الدردير: (و) صحت (هبة زوجة دار سكناها لزوجها) (لا العكس) وهو هبة الزوج دار سكناه لزوجته فلا يصح لعدم الحوز; لأن السكنى للرجل لا للمرأة فإنها تبع له. اهـ

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإذا ثبت أن ذلك الابن قد وهب لأمه ثلث الشقة المذكورة وقبلته منه، وكان هو قد ملكه حسبما ذكرنا سابقا فليس من حقه الرجوع في ذلك. فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العائد في هبته كالكلب يقيء، ثم يعود في قيئه".

وإذا كان لزوجتك علم بهذا الموضوع فمن واجبها أن تؤدي الشهادة على الوجه الصحيح. ولتعلم أن الشهادة من الأمور الخطيرة التي لا يصح للمسلم أن يتساهل فيها، والكذب فيها من أكبر الكبائر، كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال: قول الزور أو قال: شهادة الزور. الحديث رواه البخاري ومسلم.

فمن استشهد في أمر له به علم وجب عليه أداء الشهادة على الوجه الصحيح، وخصوصا إذا ترتب على ترك الشهادة إهدار حق أو ارتكاب محرم، وقد نهى الله عن كتمان الشهادة، قال الله تعالى: وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ. {البقرة:283}. وإذا تقرر ملك أم زوجتك لثلث تلك الشقة، فإنه باق على ملكها كيفما بلغت قيمة الشقة. وإذا بيعت فمن حقها أن تأخذ ثلث الثمن الذي بيعت به بالغا ما بلغ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني