الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

موقف الشركاء عند خسارة الشركة

السؤال

لي صديق أراد أن يدخل معي في تجارة بيع النظارات وأطلعته على كل شيء وأعطاني مبلغاً من المال لأني لم أكن أملك رأس مال كبير واشتريت سيارة للعمل وكذلك اشتريت البضاعة، ولكن البائع غشني وتكبدت خسارة مما أجبرني إلي بيع السيارة حتى أسدد ما علي من شيكات وإلا أدخل السجن، كما قمت برفع قضية ضد البائع ولا زالت القضية في المحاكم، كل هذا صار في نحو سنة ونصف تقريبا، أما صديقي هذا لما رأى هذه التفاعلات التي كنت أعانيها وحدي من محاكم وشيكات وضيق في حياتي العائلية أرسل صديقي هذا مع رجل آخر علم بالموضوع وقال لي إن شريكك يريد المبلغ كله في مدة أقصاها 20 يوماً ويريد أن ينسحب من اللعبة، أما أنا أشهد الله أني كنت أعمل على حسن نية، فماذا يقول الشرع الحنيف، مع العلم بأنه يريد أن يغرمني هذا إلى يومنا هذا، تصوروا لو ربحنا؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقول شريكك (إنه يريد أن ينسحب من اللعبة) معناه أنه يريد فسخ الشركة، والشركة عقد جائز غير لازم، وبالتالي يجوز لأي من الشريكين أو الشركاء أن يفسخها، وإذا أراد أحد الشركاء فض الشراكة فإنه يتحمل ما وقع في الشركة من خسارة حسب نصيبه منها، كما أنه في المقابل يحصل على جزء من الأرباح بحسب نصيبه فيها أيضاً، جاء في المدونة: قال مالك: الوضيعة على قدر رؤوس أموالهما، والربح على قدر رؤوس أموالهما.

وجاء في نصب الراية للزيلعي: والوضيعة على قدر المالين. انتهى.

وفي كشاف القناع: (والوضيعة على قدر ملكيهما فيه) أي فيما يشتريانه فعلى من يملك فيه الثلثين ثلثا الوضيعة، وعلى من يملك فيه الثلث ثلثها، سواء كانت لتلف أو بيع بنقصان. وسواء كان الربح بينهما كذلك أو لم يكن، لأن الوضيعة عبارة عن نقصان رأس المال وهو مختص بملاكه فوزع بينهما على قدر حصصهما. انتهى.

وفي المغني لابن قدامة: (والوضيعة على قدر المال). يعني الخسران في الشركة على كل واحد منهما بقدر ماله، فإن كان مالهما متساوياً في القدر، فالخسران بينهما نصفين، وإن كان أثلاثا، فالوضيعة أثلاث. لا نعلم في هذا خلافاً بين أهل العلم. وبه يقول أبو حنيفة والشافعي وغيرهما. انتهى.

وعليه فقول شريكك إنه يريد المال كله، قول غير منصف، وإنما له الحق في النسبة المتبقية من نصيبه بعد حط ما ينوبه من الخسارة، وهذا كله على تقدير أنك لم تفرط في المال، ولم تتصرف فيه إلا بما هو سداد في نظرك، وأما لو كان قد صدر منك تفريط فإنك تضمن ما حصل من الخسارة بسبب تفريطك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني