الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأكل من مال الأب الحرام

السؤال

فضيلة الشيخ: أريد منك جوابا شافيا إننا نعيش من دخل والدي والذي هو من كسب حرام وهذا يؤلمني جدا، وليس عندي بديل لهذا وأصبح هذا همي الوحيد حيث سمعت أن آكل الحرام لا تستجاب دعوته، ولكني مضطرة ومعي والدتي وإننا حريصتان على التقرب إلى الله والدعاء لأجل أن يبدلنا الله رزقا غير هذا، ولكن لازلنا على هذه الحال منذ سنوات أقول في نفسي كيف يستجاب لنا الدعاء ونحن نأكل حراما، ولكن والله لو وجدنا حلالا ما أدخلنا الحرام في جوفنا، كما سمعت أن الوالد الذي يطعم أبناءه من حرام يكون مصيرهم النار فهل هذا صحيح، لكني أتراجع مرة أخرى وأقول لا لن يكون هذا ونحن نؤمن بالله والله يغفر الذنوب لمن يشاء ما لم يشرك به، طلبت الله أن يرزقني زوجا صالحا لأعيش معه في الحلال، لكن هذا لم يتيسر بعد رغم كبر سني، فضيلة الشيخ أرجو منك أولا أن تدعو الله أن يفرج همنا وأن يرزقنا حلالا وأن يرزقني الله بالزوج الصالح، كما أرجو أن تبين لي ما طرحته في بداية السؤال كيف يستجاب دعاؤنا ومن شروط الدعاء المستجاب الطعام الحلال، كما أرجو أن توضح لي هل أنا أكلف نفسي أكثر من وسعها عند تأنيبي لها بشدة والبكاء خشية النار، هل هذا يعتبر سوء ظن بالله؟ وجزاك الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

ففي البداية نسأل الله العلي القدير أن يفرج همكم، ويرزقكم رزقاً حلالاً، وأن يمن عليك بزوج صالح، إنه على ذلك قدير وهو بإجابة من دعاه جدير.

واعلمي أيتها الأخت الكريمة أن من واجبك وأمك أن تقوما بنصح عائلكما وتخويفه من عذاب الله عز وجل إذا هو تمادى ولم يتب من كسبه الحرام.

وأما بخصوص أكلكما من ماله الحرام فهذا ينظر فيه، فإن كان كل مصدر رزقه من الحرام، فلا يجوز لكما الأكل منه إذا كنتما قادرتين على الكسب، وإن كان له مال حلال وآخر حرام وكان الحرام أكثر، فقد ذهب كثير من أهل العلم إلى القول بمنع الأكل منه كذلك، وذهب آخرون إلى الجواز. وانظري في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 6880.

وإذا كنتما مضطرتين إلى العيش من كسب عائلكما ولم تجدا وسيلة تغنيكما عنه، فلا حرج عليكما في الأكل منه، والإثم حينئذ يكون عليه هو وحده، فقد قال الله تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام:119}، وقال تعالى: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ {البقرة:173}، وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، والضرورة -في حال ثبوتها- تقدر بقدرها، وحيث زالت أو وجد ما يقوم مقامها وجب تجنب الأكل من المال الحرام، وننبهك إلى أن أكلك من المال الحرام في حال الاضطرار لن يكون حائلاً دون استجابة الدعاء.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني