الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

موضوع الفتوى: المعاشرة الزوجية
عنوان الفتوى: حكم إتيان المرأة في فمها، وهل إتيانها في الدبر يعطى أحكام الزنا
اسم المفتي: الشيخ محمد المغراوي
رقم الفتوى: 251 فتاوى في المعاشرة الزوجية
تاريخ نشر الفتوى: الأحد 25 صفر 1427 هـ / 26 مارس 2006 م 23:19:25
مرات القراءة: 1770
السؤال: هل إتيان المرأة الأجنبية في دبرها يعد زنا فيعطى أحكامه، وما حكم إتيان الزوجة في فمها، الجواب: وضع الذكر في فم المرأة لا يليق بعاقل وعاقلة، فالفم للأكل والشرب والذِّكْرِ وقراءة القرآن والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والذَّكَرُ له محله الذي خلقه الله له بالفطرة، فإن أراد الزوج ملامسة المرأة ومداعبتها فليكن في الأعضاء كالفخذ وبين الثديين وغيرها من الأمكنة، ولا شك أن هذه عادة غربية قبيحة، تعلمها البطالون والذين لا دين لهم، قال الله تعالى: (نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) سورة البقرة: 223، ومحل الحرث هو الفرج، هذا والله أعلم. قال النووي: قال العلماء: وقوله تعالى: (فأتوا حرثكم أنى شئتم) أي موضع الزرع من المرأة وهو قبلها الذي يزرع فيه المني لابتغاء الولد، ففيه إباحة وطئها في قبلها إن شاء من بين يديها وإن شاء من ورائها وإن شاء مكبوبة، وأما الدبر فليس هو بحرث ولا موضع زرع، ومعنى قوله: (أنى شئتم) أي كيف شئتم، واتفق العلماء الذين يعتد بهم على تحريم وطء المرأة في دبرها حائضا كانت أو طاهراً لأحاديث كثيرة مشهورة. [شرح مسلم (10/6-7)]. قال القرطبي في تفسيره مرجحا تحريم الوطء في الدبر: وهذا هو الحق المتبع والصحيح في المسألة، ولا ينبغي لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج في هذه النازلة على زلة عالم بعد أن تصح عنه، وقد حُذّرنا من زلة العالم، وقد روي عن ابن عمر خلاف هذا، وتكفير من فعله؛ وهذا هو اللائق به رضي الله عنه، كذلك كذب نافع من أخبر عنه بذلك، كما ذكر النسائي وقد تقدم، وأنكر ذلك مالك واستعظمه، وكذب من نسب ذلك إليه. [الجامع لأحكام القرآن (2/95)].
أما بالنسبة لإتيان المرأة في دبرها هل يعد زنا فيعطى أحكام الزنا؛ فقد ذهب جمهور الفقهاء المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وصاحبا أبي حنيفة إلى وجوب حدّ الزّنى على من أتى امرأةً أجنبيّةً في دبرها، لأنّه فرج أصليّ كالقبل. وخصّ الشّافعيّة الحدّ بالفاعل فقط، أمّا المفعول بها فإنّها تجلد وتغرّب، محصنةً كانت أو غير محصنة، لأنّ المحلّ لا يتصوّر فيه إحصان، (واشترط أبو حنيفة في حدّ الزّنى أن يكون الوطء في القبل، فلا يجب الحدّ عنده على من أتى امرأةً أجنبيّةً في دبرها، ولكنّه يعزّر، ثمّ إنّ هذا الحكم مقصور على المرأة الأجنبيّة)، أمّا إتيان الرّجل زوجته أو مملوكته في دبرها فلا حدّ فيه اتّفاقاً، ويعزّر فاعله لارتكابه معصيةً، وقصر الشّافعيّة التّعزير على ما إذا تكرّر، أمّا إذا لم يتكرّر فلا تعزير فيه، هذا كان الجواب من قبل المفتى الخاص بموقع جمعية الدعوة إلى القرأن والسنة بمراكش- المغرب.... السؤال الأول هو: ما تعليقكم وقولكم فى الجزء المحصور بين القوسين وما معنى التعزير الرجاء توضيح ذلك؟!
السؤال الثاني: هل إتيان الزوجة فى دبرها مباح لدى المسيحيين واليهود أم لا؟ وشكراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالواقع بين قوسين في هذه الفتوى هو قول الله تعالى: نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ {البقرة:223}، أو ما جاء في آخر الفتوى من قول المفتي: (واشترط أبو حنيفة في حد الزنى أن يكون الوطء في القبل، فلا يجب الحد عنده على من أتى امرأة أجنبية في دبرها، ولكنه يعزر، ثم إن هذا الحكم مقصور على المرأة الأجنبية). ولم نفهم ما يعنيه السائل من قوله: ما تعليقكم وقولكم في الجزء المحصور بين القوسين.

وعلى أية حال فإن الجزء المحصور بين القوسين الأولين هو آية من كتاب الله العزيز، والمحصور بين القوسين الأخيرين هو كلام صحيح النسبة إلى أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- وقد ورد في سائر كتب الحنفية وغيرها من الكتب.

وأما التعزير فهو -كما ورد في المغني لابن قدامة-: العقوبة المشروعة على جناية لا حد فيها كوطء الشريك الجارية المشتركة أو أمته المزوجة أو جارية ابنه، أو وطء امرأته في دبرها أو حيضها، أو وطء أجنبية دون الفرج، أو سرقة ما دون النصاب أو من غير حرز أو النهب أو الغصب أو الاختلاس، أو الجناية على إنسان بما لا يوجب حداً ولا قصاصاً ولا دية، أو شتمه بما ليس بقذف ونحو ذلك يسمى تعزيراً، لأنه منع من الجناية، والأصل في التعزير المنع، ومنه التعزير بمعنى النصرة، لأنه منع لعدوه من أذاه..

ثم إن سؤال الأخ الكريم عما إذا كان إتيان الزوجة في دبرها مباحاً لدى المسيحيين واليهود أم لا؟ فجوابه أننا لا نعرف من شريعة المسيحيين واليهود إلا ما ورد منسوباً إلى شرعهم في القرآن والسنة، ولم يرد من ذلك شيء في القرآن ولا في السنة، أما ما يدعى الآن أنه إنجيل أو توراة فلا نستطيع الجزم بشيء مما ورد فيه ما لم يكن ذلك مذكوراً في القرآن أو الثابت من السنة، لأن الله ذكر أن اليهود والنصارى حرفوا الإنجيل والتوراة وبدلوا فيهما تبديلاً كثيراً، ولو افترضنا أنه كان مباحاً لهم في شرعهم، فإن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت ناسخة لجميع الشرائع.

وعليه.. فإتيان الزوجة في دبرها ليس مباحاً لليهود ولا للنصارى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني