الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الحكمة من نهي الرجال عن إطالة الثوب

السؤال

ما الحكمة من تقصير الثوب وهل يشمل حتى السروال لأني سمعت أنه في عهد الرسول عليه السلام الذي له قميص طويل له مكانة ورفعة وذو شأن كبير وذو همة عالية لذا أمرهم الرسول علية الصلاة والسلام بتقصير الثوب حتى يتساوى الناس ولا يكون بينهم اختلاف .هل هذا صحيح ؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن على المسلم أن ينقاد لحكم الشرع ويمتثل أوامره ويجتنب نواهيه بغض النظر عن معرفة الحكمة منه أو جهلها ، كما قال الله تعالى في شأن المؤمنين : وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {البقرة: 285 } وقال تعالى : وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا {الأحزاب: 36 } فالإسلام أساسه الاستسلام والانقياد لأحكام شريعته ، وللمسلم بعد ذلك أن يبحث عن الحكمة منها لأن أحكام الشريعة قائمة على الحكمة منزهة عن العبث وقد ينص الشرع على الحكمة أو يطلع عليها الناس أو بعضهم وقد لايطلعون عليها ولا يعني ذلك خلو الأحكام من الحكمة ولكن ذلك عائد إلى عجزنا نحن البشر هذا على العموم ، وبخصوص النهي عن إسبال الثوب إلى ما تحت الكعبين فإنه يشمل جميع الملابس من السروال والإزار والسلهام وغيرها كما هو مبين في الفتوى رقم : 1633 ، وهو خاص بالرجال دون النساء ، ولعل من الحكمة منه أن الملابس إذا نزلت تكون معوقة للحركة والنشاط والرجل مطلوب منه أن يتحرك ويعمل، وما أسفل من الكعبين من الرجل لا يحتاج إلى ستر، وإذا احتاج إليه فبالإمكان أن يستر بالخفين والجوارب وغيرها مما لا يعوق الحركة ، ولعل منها كذلك أن في الإسبال تعريض الملابس للتلف وإصابتها بالقاذورات. ومعلوم أن الشرع يحافظ على النظافة وحفظ المال ، هذا فضلا عن كونه مدعاة للفخر والخيلاء والكبر والرياء عند بعض الناس. وأما كون الحكمة من النهي عن الإسبال هي طلب المساواة بين الناس فلم نقف عليه ، ولكن المساواة لا تتحقق بعدم إسبال الثياب دون نوعها فسيبقى الناس متفاوتين ولو كانت حدود ثيابهم متساوية فقد قال الله تعالى : وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ {النحل: 71 } وقال تعالى : نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ {الزخرف: 32 } .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني