الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ الشريك ما دفعه للمعاشات من حصة شريكه

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد : كان لي شريك في التجارة وكنا متكافئين في المصاريف والأرباح وكانت الوثائق مكتوبة باسمه وكنا ندفع الضرائب و التأمين لصندوق المعاشات إجباريا مفروضة من طرف الدولة لكن هذا التأمين يعود بالفائدة على شريكي عند وصوله سن التقاعد ولم نتفاهم عليه قلت له يوما إني لا أدفع معه ولكنه رفض وبقي الحال هكذا والآن تنازعنا وخرجت من هذه الشراكة وبقي وحده، أخذت أموالي ونزعت المال الذي دفعته معه لصندوق المعاشات بدون علمه، مع العلم أن النزاع كان حول أمور أخرى، فما الحكم وما النصيحة ؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاشتراك في التأمين التجاري وكذلك الاشتراك في صندوق التأمين المشتمل على مخالفات شرعية كاستثمار الأموال بالربا ونحو ذلك لا يجوز إجبار الناس عليه، ولكن إذا أجبرت عليه شركة من الشركات فإن على الشركاء لزوم العدل بينهم في أداء كل واحد منهم ما عليه من هذا الاشتراك، وإن كان يؤخذ منهم ظلما لأن في تهرب بعضهم من أداء ما عليه ظلما لشركائه بتحميلهم دفع نصيبه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مسألة المظالم المشتركة: فهؤلاء المشتركون ليس لبعضهم أن يفعل ما به ظلم غيره، بل إما أن يؤدي قسطه فيكون عادلا وإما أن يؤدي زائدا على قسطه فيعين شركاءه بما أخذ منهم فيكون محسنا، وليس له أن يمتنع عن أداء قسطه من ذلك المال امتناعا يؤخذ به قسطه من سائر الشركاء فيتضاعف الظلم عليهم، فإن المال إذا كان يؤخذ لا محالة وامتنع بجاه ورشوة أو غيرهما كان قد ظلم من يؤخذ منه القسط الذي يخصه وليس هذا بمنزلة أن يدفع عن نفسه الظلم من غير ظلم لغيره فإن هذا جائز مثل أن يمتنع عن أداء ما يخصه فلا يؤخذ ذلك منه ولا من غيره .

وبناء على هذا فإصرار شريكك على أن تدفع معه هذا الاشتراك لا شيء فيه، وبالنسبة للمبلغ الذي أخذته عوضا عما دفعته مجبرا فإذا كنت قد أخذته من مال شريكك دون علمه فهذا لا يجوز لأنه لم يجبرك على الدفع إلى صندوق المعاشات إنما أجبرتكما على ذلك الدولة بحكم القانون المنظم لهذه الشركات فالواجب في ذلك أن تقتسما مبلغ الاشتراك ولا يجوز لك أن تتهرب وتحمل شريكك الآخر دفع نصيبك فضلا عن أن تسترده من ماله دون علمه، والمشروع في هذه الحالة أن تنتظر أنت وشريكك إلى حين قبضه المبلغ المستحق حال التقاعد فتأخذا منه ما دفعتما وتتقاسماه بالسوية وما بقي فإنه يرد إلى هيئة المعاشات إن تيسر ذلك ولو بطريقة غير مباشرة بشرط الأمن أن يتلاعب فيه القائمون عليها ، فإن لم يتيسر رده أو خشيتم تلاعب القائمين عليها في هذا الشأن فإن المبلغ الزائد عن حقكما ينفق في مصالح المسلمين، وعلى شريكك أن يكتب وصية بذلك حتى إذا عاجلته المنية قبل سن التقاعد وصرف لورثته هذا المعاش أعطوك حقك منه، وأما إذا كنت قد أخذته من صندوق المعاشات فلا حرج في ذلك وهذا ما يعرف عند العلماء بمسألة الظفر، وراجع فيها الفتوى رقم : 28871 ، وعلى شريكك وورثته في هذه الحالة عند قبض معاش التقاعد أن ينتفعوا فقط في حدود ما دفعوا والباقي يردونه إلى هيئة المعاشات إن تيسر ذلك ولو بطريقة غير مباشرة بشرط أن تكون أمينة كما تقدم، فإن لم يتيسر أو كانت غير أمينة فإن المبلغ الزائد ينفق في مصالح المسلمين .

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني