الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

شروط استحقاق الأم للحضانة

السؤال

ذهبت زوجتي من لبنان لزيارة أهلها في البحرين مع طفليّ التوأم ذوي الشهرين من العمر وهم صبي وبنت, وهي تقول الآن بأنها لا تريد العودة والطلاق ولا يوجد أي أسباب جوهرية لطلبها هذا أبدا. وقد فوجئت عندما علمت بأن الحضانة وبحسب الإمام مالك هي للأم حتى يبلغا.. فهل يسمح الشرع الإسلامي لأم بأن تخطف أولادها من أبيهم ومن دون سبب وجيه حتى والسبب أنها (أي زوجتي) بحاجة أن تترفه كما يقول والدها وهي كانت تعيش عيشة كريمة لا ينقصها من أسباب العيش الكريم شيء. فهل الحكم الشرعي هو أن يحرم الأب من أولاده ورؤيتهم (خاصة بسبب البعد من دولة إلى دولة)؟ لا لذنب اقترفه وإنما لهوس في نفوس الزوجة وأهلها , أفيدوني أفادكم الله. فان مرتكزات الإيمان والإسلام تهتز في نفسي كلها. فهل الإسلام الذي عشت وأنا مؤمن بعدالته يشرع هذا؟ وعذراً إذا ما تضمن سؤالي ما هو غير سوي ولكن الجرح عميق والهم كبير ولا حول ولا قوة إلا بالله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الطلاق بيد الزوج، وليس للزوجة ولا لأهلها أن يتعسفوا في طلب الطلاق إذا لم يكن ثمَّةَ مبررات مقبولة، ولا يمكنهم من الناحية الشرعية أن يلزموك بالطلاق إذا كُنْتَ تؤدي ما يجب عليك من النفقة والمسكن والملبس.

ولا يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق وتضطر الزوج إليه لغير مبرر؛ كما سبق في الفتوى رقم: 52707.

فإن أجبتهم إلى طلبهم، وقمت بتطليقها فإن الحضانة حق للأم، ولكن بشروط لا بد أن تتوفر فيها:

أولها: العقل.

ثانيها: الإسلام.

ثالثها: العفة والأمانة، وعدم الفسق، فلو كانت فاسقة بترك الصلاة -مثلاً- أو مرتكبة لكبيرة كالنميمة، أو شهادة الزور ولم تتب من ذلك، فلا حضانة لها.

رابعها: الإقامة، وذلك بأن يكون صاحب الحق في الحضانة مقيما في بلد الطفل.

خامسها: عدم زواجها، فإذا تزوجت الأم سقط حقها في الحضانة؛ وإن لم يدخل بها الزوج، يدل على ذلك ما رواه أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمرأة حينما جاءته فقالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء ، وإن أباه طلقني، وأراد أن ينزعه مني، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أنت أحق به ما لم تنكحي .

وإذا تأملت أخي الكريم في إعطاء الشرع الحق للأم أولاً بالشروط السالفة وجدت أن ذلك هو عين العدل، وغاية الحكمة، لأن الطفل -ذكراً كان أو أنثى- قبل السابعة أحوج ما يكون إلى التربية البدنية، والرعاية النفسية، والشفقة والحنان، ولذا كان الأجدر بهذه المهمة النساء عموماً، والأم خصوصاً لما تتحلى به من العاطفة الجياشة تجاه ولدها، ثم إن تزوجت فأمها جدة المحضون، فإن كانت مفقودة أو غير صالحة للحضانة فالأب، ثم بعد السابعة يخير الصبي بين أبويه، فيكون عند من اختار.

ونعجب والله كيف تهتز مرتكزات الإيمان والإسلام بسبب قصور فهم لحكم الشرع من قبل العبد الذي لا يعلم حقيقة نفسه، ولا كيف تلج الروح فيه وتخرج، كيف تهتز المرتكزات التي قامت على أعظم البراهين، وأقوى الحجج، وأنصع البيِّنات، كيف يشك المسلم في عدل الله تعالى؟! وهو عز وجل الذي أقام الكون كله على العدل والحكمة، يقول : أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ {الملك:14} فمن شرَّعَ الشرائع هو من يرزقك هذه اللحظة الهواء، وأعدَّ لك الرئتين كي تنتفع بذلك الهواء، وسخر لك قلباً نابضاً، وصورك في أحسن صورة، من تأمل في أي مخلوق من المخلوقات علم يقيناً حكمة الخالق الحكيم، وعظمة البديع العليم، فتب إلى الله تعالى مما قلت، واحذر من مكايد الشيطان، حفظ الله لك دينك، وأولادك، وأصلح لك زوجتك.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني