الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الخلود أبدي لأصحاب الجنة وأصحاب النار

السؤال

عند ذكر جزاء الكافرين في القرآن الكريم يقول الله تعالى: {خالدين فيها} بينما جزاء المؤمنين الخلود الأبدي في الجنة {خالدين فيها أبدا}. السؤال: هل الخلود في الجنة يختلف عن الخلود في النار? هل الكفر في الدنيا (60 سنة مثلا) يستوجب العذاب إلى أبد الآباد? (أليس الله بأحكم الحاكمين). أرجو ألا يساء فهم السؤال، فأنا على يقين تام بأن الله أحكم الحاكمين. وجزاكم الله خيرا

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ذكر الخلود الأبدي لم يختص بأهل الجنة في القرآن الكريم، وإنما ذكر أيضا عند الحديث عن أهل النار؛ كما في قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا {النساء: 168-169} وفي قوله تعالى: إِنَّ اللهَ لَعَنَ الكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا {الأحزاب:64-65 } وفي قوله تعالى: إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا {الجنّ:23}

فالخلود الأبدي للجميع.

وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل وأقوال أهل العلم في الفتاوى: 31357، 7485، 64739.

وأما خلود من كفر ستين سنة أو أكثر أو أقل فإنه عدل وحكمة لأن الكفر ظلم عظيم وجرم شنيع يدل على خبث الطوية ودناءة النفس، ولذا قال تعالى: وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ {الأنعام: 28} قال الفخر الرازي: والمعنى أنه تعالى لو ردهم أي إلى الدنيا بعد موتهم ومعاينتهم العذاب لم يحصل منهم ترك التكذيب وفعل الإيمان؛ بل كانوا يستمرون على طريقتهم الأولى في الكفر والتكذيب.

وأما الذي لا يخلد في النار فهو من لم تصل معصيته إلى الكفر بالله تعالى والشرك به؛ كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ

ولتعلم أن لله تعالى الحكمة البالغة في خلقه والحكم العادل.. لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، يفعل ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني