الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من حاول جاهدًا فك السحر فلم يفلح

السؤال

أنا فتاة، عمري 26 سنة، مرضت منذ 5 سنوات، فقد وضع لي سحر، وسكنني جني، وظهرت عندي أعراض كثيرة، منها ضيق الصدر، القلق السريع وبدون سبب، الحزن، الخوف من المستقبل ومن الموت، يتقدم لي الكثير من الخطاب، ثم لا يعودون بدون ذكر الأسباب، والوسواس في الصلاة، وأمراض عضوية كثيرة، عولجت عند أطباء وبالمهدئات، ولكن دون جدوى، ثم استرقيت عند الرقاة الشرعيين مرات لا تحصى، ويستنطقون الجني، ويقول لهم: بأنه كافر، ومرسل، ويحبني، ولن يخرج أبدًا، وعندما يقومون بالضرب، أشعر به، فقالوا لي: إنه جني طيار، وعلاجه صعب، وقالوا لي: لا تعيدي الرقية، وداومي على الصلاة والدعاء وسورة البقرة كل 3 أيام، فقمت بكل هذا، ولكن دون جدوى.
يئست من حالتي، وزادت حالتي تأزمًا، وأصبحت حزينة جدًا، وألاحظ بأنني أبتعد عن الطريق الصحيح، حتى صلاة الفجر لم أعد أصليها في وقتها، كما أن أبي أحيانًا يكرهني بدون سبب، وأصبحت عائلتي تتهمني بالجنون.
أفكر أحيانًا بالهرب، لأنني أصبحت لا أطيق بيتنا من جهة، ومن جهة أخرى بسبب عدم تفهم أهلي لحالتي. فما هو تشخيصكم لحالتي؟ وما هو علاجي بالتحديد؟ فأنا تائهة، ووقتي ضائع، وأريد حقًا الهداية ومحبة الله ورسوله، ثم الشفاء. وما حكم الاشتراك في خدمة شريك الحياة، والتعرف على شخص بقصد الزواج؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن من بيده الشفاء هو الله العلي العظيم، الذي خلقك وخلق الإنس والجن، وله مقاليد السماوات والأرض، لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، أمره بين الكاف والنون: بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ {البقرة:117}، فتوكلي عليه، واعتصمي بحبله، وتذكري أنه سبحانه وتعالى وحده من يجيب دعوة المضطرين: أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}.

ونذكرك بأن الصبر على البلاء أجره عظيم: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ {البقرة:155-156}، ونوصيك بما يلي:

أولاً: المداومة على الذكر والطاعة وتلاوة القرآن، فإن القرآن شفاء، قال الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا {الإسراء:82}.

ثانياً: الثقة بالله تعالى، وبأنه سيجعل لك مما أنت فيه فرجاً ومخرجاً، وبأن مع العسر يسراً، قال الله تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا* إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا {الشرح:5-6}.

ثالثاً: اعلمي أن الحياة ظل زائل، ومتاع زائف، وأننا عن قريب سنفارقها بما فيها من لذة أو ألم، وأن الدنيا كلها بما فيها من بؤس أو نعيم لا تساوي لحظة من لحظات الآخرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأنعم أهل الدنيا وهو من أهل النار فيغمس في النار غمسة، فيقول الله له: يا عبدي هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا يا رب ما مر بي نعيم قط، ويؤتى بأبأس أهل الدنيا وهو من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة، فيقول الله له: يا عبدي هل مر بك بؤس قط؟ فيقول: لا يا رب، ما مر بي بؤس قط.

وعلى الأخت أن تتذكر هذه اللحظات وتحذر من استغواء الشيطان لها، وتتقي أن تقع في معصية الله عز وجل، وربما كان الموت قريباً، فإن كان الإنسان محسناً ذهبت الدنيا بآلامها، وانتقل إلى نعيم الآخرة الدائم بلا انقطاع، ونسأل الله أن يبلغنا ذلك في عافيه.

رابعاً: عليك أيتها الأخت الكريمة أن تشغلي أوقاتك بما ينفعك في دنياك وآخرتك، حتى لا تتركي لحديث النفس ووساوس الشيطان مدخلاً، ولقد قال الشاعر:

إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة

هذا ما ننصحك به، ولا نملك لك إلا الدعاء، فنسأل الله عز وجل أن يثبتك، وأن ييسر لك الزوج الصالح.

وأما بشأن السؤال الثاني، فانظري ذلك في الفتوى: 7905.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني