الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

قصة بلعام وأمره بإخراج النساء ليزني بهن عسكر موسى عليه السلام

السؤال

جزاكم الله خيراً أخبرونا عن الموت العام الذي حصل في عسكر موسى عليه السلام، والذي سببه كان الزنا الذي فشى في العسكر، والذى مات فيه سبعون ألفاً هل هذا صحيح؟ وإن كان صحيحاً نرجو التفصيل وباركالله فيكم

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فهذا الكلام الذي ذكرته قد أورده بعض المفسرين عند قوله تعالى: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) [لأعراف:175].
قال الإمام ابن كثير رحمه الله: وقال الإمام أبو جعفر ابن جرير - رحمه الله -وكان من قصة هذا الرجل ما حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا المعتمر عن أبيه، أنه سئل عن هذه الآية: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا)، فحدث عن سيار أنه كان رجلاً يقال له: بلعام، وكان مجاب الدعوة. قال: وإن موسى أقبل في بني إسرائيل يريد الأرض التي فيها بلعام، أو قال: الشام. قال: فرعب الناس منه رعباً شديداً، فأتوا بلعام فقالوا: ادع الله على هذا الرجل وجيشه، قال: حتى أؤامر ربي، أو حتى أؤامر، قال: فآمر في الدعاء عليهم، فقيل له: لا تدع عليهم، فإنهم عبادي وفيهم نبيهم، قال: فقال لقومه: إني قد آمرت ربي في الدعاء عليهم، وإني قد نُهيت، فأهدوا له هدية فقبلها، ثم راجعوه، فقالوا: ادع عليهم، فقال: حتى أؤامر ربي، فآمر، فلم يأمره بشيء، فقال: قد آمرت، فلم يأمرني بشيء. فقالوا: لو كره ربك أن تدعو عليهم لنهاك كما نهاك المرة الأولى، قال: فأخذ يدعو عليهم، فإذا دعا عليهم جرى على لسانه الدعاء على قومه، وإذا أراد أن يدعو أن يفتح لقومه دعا أن يفتح لموسى وجيشه، أو نحواً من ذلك - إن شاء الله - قال: فقالوا: ما نراك تدعو إلا علينا، قال: ما يجري على لساني إلا هكذا، ولو دعوت عليه أيضاً ما استجيب لي، ولكن سأدلكم على أمر عسى أن يكون فيه هلاكهم، إن الله يبغض الزنا، وإنهم إن وقعوا في الزنا هلكوا، ورجوت أن يهلكهم الله، فأخرجوا النساء تستقبلهم، فإنهم قوم مسافرون، فعسى أن يزنوا فيهلكوا. قال: ففعلوا فأخرجوا النساء تستقبلهم، قال: وكان لملك ابنة، فذكر من عظمها ما الله أعلم به. قال: فقال أبوها، أو بلعام: لا تمكني نفسك إلا من موسى، قال: ووقعوا في الزنا. قال: فأتاها رأس سبط من أسباط بني إسرائيل، فأرادها على نفسه، فقالت: ما أنا بممكنة نفسي إلا من موسى، فقال: إن منزلتي كذا وكذا، وإن من حالي كذا وكذا، فأرسلت إلى أبيها تستأمره، فقال لها: مكنيه. قال: ويأتيهما رجل من بني هارون ومعه الرمح فيطعنهما. قال: وأيده الله بقوة، فانتظمهما جميعاً، ورفعهما على رمحه فرآهما الناس، وسلط الله عليهم الطاعون فمات منهم سبعون ألفا.
وأورد ابن كثير رحمه الله نفس القصة عن محمد بن إسحاق بن يسار عن سالم أبي النضر، وفيها اسم السبط الذي زنا بالمرأة وهو زمري بن شلوم رأس سبط شمعون ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، واسم الرجل الذي قتلهما فنحاص بن العيزار بن هارون. انظر تفسير القرآن العظيم لا بن كثير (2/353)، وتفسير الطبري جامع البيان (6/125).
وفيما أورده الطبري أنه لما قتلهما فنحاص جعل يقول: (اللهم هكذا نفعل بمن يعصيك! ورفع الطاعون) ولا يخفى عليك أن مصدر هذه القصة - فيما يغلب على الظن - هو القصص الإسرائيلية - وقد أمرنا أن لا نصدق أهل الكتاب، ولا نكذبهم.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني