الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

السؤال

لقد أعرت حليا من ذهب -حزاما ذهبيا- إلى ابنة خالتي عندما تزوجت، وذلك بطلب من خالتي، لكنه سرق منها أثناء العرس؛ فغضبت منها كثيرا واعتبرت ذلك تقصيرا في حفظ الأمانة، خاصة أن الحلي ثمين جدا، ولا يمكنني تعويضه. فوعدتني ابنة خالتي بالتعويض، وفعلا عوضتني بحلي يشبهه.
أريد أن أسأل عن رأي الدين في هذا التعويض: أي هل هذا الحلي حلال علي؛ لأنني لا أشعر بالاطمئنان، ولم أستطع لبس هذا الحلي، ولا بيعه، ولا حتى النظر إليه، بالإضافة إلى أن هذا الحلي كان سببا في قطع العلاقة بيني وبين خالتي؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن وجوب ضمان العارية إذا تلفت أو ضاعت، وهي في يد المستعير، مختلف فيه بين أهل العلم.

فروي عن ابن عباس وأبي هريرة -رضي الله عنهم- وهو مذهب أحمد والشافعي وإسحاق وعطاء، وجوب ضمانها على المستعير، سواء أتعدى في الاستعمال والحفظ، أم لم يتعد فيهما.
وذهب الثوري وأبو حنيفة ومالك والأوزاعي، وهو قول الحسن والنخعي والشعبي وعمر بن عبد العزيز إلى أنه لا يجب ضمانها إلا بالتعدي.
والراجح -والله أعلم- هو المذهب الأول؛ لما رواه أبو داود عن صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعاً يوم حنين، فقال أغصباً يا محمد؟ قال: "بل عارية مضمونة".
ولما رواه أبو داود والترمذي عن سمرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.

ولأنه كما قال ابن قدامة في المغني: أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفرداً بنفعه من غير استحقاق، ولا إذن في الإتلاف، فكان مضموناً، كالغصب، والمأخوذ على وجه السوم. انتهى.
وعليه؛ فلا حرج عليك فيما أخذت من ابنة خالتك مقابل ذهبك، فإن هذا حق لك.
ولكن لا تجوز القطيعة بينكما، فإن قطيعة الرحم من أكبر الذنوب، وبادري أنت بالإحسان إليهم والزيارة لهم، ولو كانت القطيعة من قِبَلِهم. وانظري الفتوى: 4417.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني