الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عموم رسالة الإسلام وحكم من لم يمت مسلما

السؤال

يوجد سؤالان أرجو الإجابة عليهما الأول: عدد سكان العالم يبلغ 6 مليار نسمة تقريباً وعدد المسلمين في العالم مليار و200 مليون، فهل يعني ذلك أن هذا العدد الهائل من سكان العالم من غير المسلمين في جهنم؟
السؤال الثاني: قد يكون سؤالا غريبا ولكنه يراودني كثيراً، لماذا أنزل الله اليهودية والمسيحية مع أن الدين الإسلامي هو الدين الحق ومن لم يمت وهو ليس على الإسلام يموت كافرا... وأن اليهودي أو المسيحي يتعامل مع دينه كأنه هو الدين الصحيح كما نتعامل نحن المسلمين مع الدين الإسلامي، ولكن الدين الإسلامي بالتأكيد هو الدين الحق ومحمد صلى الله عليه وسلم هو الحق والجنة والنار حق والحساب حق، ولكن لما هذه الفتنة الطائفية والمسيحي واليهودي يحاربون ليثبتوا أنهم على الحق، فأرجو الإفادة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن جميع من مات ولم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم وقد بلغته رسالته فسيكون مصيره الخلود الأبدي في النار، ويدل لهذا قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ {البينة:6}، وفي الحديث: والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي ارسلت به إلا كان من أصحاب النار. رواه مسلم.

وأما الإسلام فإن له معنيين؛ الأول: معنى عام وهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبعد عن الشرك والمعاصي وأهلها، والإسلام بهذا المعنى مطلوب من كل أمة وهو الذي كان عليه أصحاب موسى عليه الصلاة والسلام في عهده حيث قال السحرة بعد إسلامهم: رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ {الأعراف:126}.

وقد خاطب موسى قومه فقال: وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ {يونس:84}، وأخبر الله تعالى عن أصحاب عيسى أنهم قالوا لعيسى: نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ {آل عمران:52}،.

وأما المعنى الثاني فهو الإسلام الذي هو علم على الرسالة التي جاء بها رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو معنى خاص، وقد كلف الله تعالى جميع الناس بالتمسك به، لأن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي خاتمة الرسالات، وقد أخذ الله الميثاق على النبيين أن يصدقوه ويؤمنوا به وينصروه وأوجب على أتباعهم مثل ذلك، فقد قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ {آل عمران:81}.

وبناء على هذا فاليهودي والنصراني الذي يسعى ويحارب ليثبت أنه على الدين الصحيح مخطئ مغامر بنفسه ومآله الخسران والخلود في النار إذا مات على ما هو عليه، وعلى المسلمين أن يسعوا في تفهيمهم وإقناعهم وهدايتهم لطريق الحق، وقد بسطنا الكلام على الموضوع في عدة فتاوى فراجع منها الفتاوى ذات الأرقام التالية: 39852، 39118، 34493، 49073، 65031، 71164، 58035، 59524، 65864، 68324، 72232.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني