الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم الزواج بغير ولي لبعد المسافة واختلاف اللغة

السؤال

أنا شاب عشت في ألمانيا لعدة سنوات، وفي تلك الفترة تعرفت على امرأة تركية تبلغ من العمر 27 عاماً، فتزوجتها بدون استشارة والدها، مع العلم بأن والدها يعيش في تركيا، فلا أنا قادر للذهاب إليه ولا هو قادر الحضور إلينا ولا يفهم لغتي ولا أنا أفهم اللغة التركية، وبعد 7 سنوات أفتاني أحد أصدقائي أن زوجتي محرمة علي كل هذه الفترة، لأني لم أطلبها من ولي أمرها، فأفتوني؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يشترط لصحة النكاح أن يكون بإذن ولي المرأة، وأنه إذا تم النكاح بدون الولي فهو باطل، واستدل الجمهور على ذلك بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له. رواه الترمذي وحسنه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا نكاح إلا بولي. رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم.

وقد ذكرنا في الفتوى رقم: 64337 أنه لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها ولو كان وليها غائباً في بلد آخر، واختلاف اللغة بينك وبين الولي ليس عذراً لأن يتزوج الرجل المرأة بدون إذن وليها لأنه يمكن أن يكون بينهما مترجم، قال ابن عابدين في حاشيته: وأما لو كان لها عصبة -أي ولي- غائب، فهو كالحاضر، لأن ولايته لا تنقطع. انتهى.

وقال ابن عبد البر في التمهيد: وقال مالك في الرجل يزوج المرأة من قومه ولها ولي غائب: إن ذلك النكاح لا يجوز وإنه يفسخ، إلا أن يرى السلطان أن ذلك النكاح حسن لا بأس به، فقيل لمالك: فالرجل يزوج أخته وأبوه غائب؟ فقال: لا ينكحها حتى يكتب إلى أبيه. انتهى.

والنكاح في هذه الحالة غير صحيح، ومع كونه غير صحيح فإنه تترتب عليه الآثار الشرعية للنكاح، فتستحق به المرأة المهر كاملاً إن دخل بها الرجل، وإن حدث أولاد فإنهم يلحقون في النسب بأبيهم من النكاح الفاسد، وسبق توضيح هذا في الفتوى رقم: 60343 فتراجع.

ويستثنى من ذلك إذا عسر على المرأة مراجعة وليها فإنها تولي عدلاً يزوجها بحضور شاهدي عدل ويكون النكاح صحيحاً، قال العلامة ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى: لنا أن نتوسط ونقول إن سهلت مراجعة أحدهما أعني الولي أو الحاكم إذا غابا إلى مرحلتين فأكثر تعينت ولم يجز لها أن تولي عدلاً يزوجها، لأنه إنما جاز لها ذلك للضرورة، وعند مراجعة الولي أو الحاكم إن لم يوجد الولي لا ضرورة، وإن لم تسهل مراجعة أحدهما بأن فحش بعد محلهما وحقت حاجتها إلى النكاح جاز لها أن تولي مع الزوج أمرها عدلاً يزوجها لوجود الضرورة حينئذ، أما إذا قرب محل أحدهما بأن كان دون مرحلتين فلا يجوز لها ذلك مطلقاً. انتهى.

وننبه هنا إلى أن مجرد بعد المسافة ليس له أثر مع وجود وسائل النقل والاتصال الحديثة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني