الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من علم أن زوجا يمارس الزنا فهل يخبر امرأته بذلك

السؤال

رجل متزوج يسافر من البلد التي تقيم فيها زوجته إلى البلد التي يقيم بها أهله بحجة الزيارة، وهو يسافر إلى هذه البلد لأجل الزنا، وهو على هذه الحالة منذ زمن وزوجته لا تعلم هذا الأمر، وبعض أقارب الرجل يعلمون هذا الأمر، سؤالي هو: هل يقوم من يعلم بهذا الأمر إخبار زوجته أم ماذا، أفادكم الله؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان اتهام هذا الرجل مبنيا على مجرد الظن والتخمين فلا يجوز، لأن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا {الحجرات:12}، وأما إذا كان عند الإنسان بينة ناصعة واضحة على أن فلانا يفعل الزنا والعياذ بالله، فعليه ما يلي:

أولاً: أن يقوم بنصحه وتذكيره بالله تعالى، وبأن هذا الفعل كبيرة من كبائر الذنوب، وننصح في هذا بمطالعة الفتوى رقم: 26237.

ثانياً: إذا لم يستجب لهذا النصح انتقل إلى تهديده بفضحه وإبلاغ الجهات الرسمية أو بعض من يمكن أن يردعه عن هذا الفعل من قرابته.

ثالثاً: إذا لم يُجْد ذلك، وكانت عنده البينة على زنا هذا الرجل فعليه وجوباً أن يخبر من يمكنه أن يمنع هذا المنكر، والبينة في إثبات الفاحشة أربعة شهود ذكور عدول، قال الإمام ابن رشد: وأما ثبوت الزنا بالشهود: فإن العلماء اتفقوا على أنه يثبت الزنا بالشهود، وأن العدد المشترط في الشهود أربعة، بخلاف سائر الحقوق، لقوله تعالى: وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ. ومن صفتهم أن يكونوا عدولا، وأن من شرط هذه الشهادة أن تكون بمعاينة فرجه في فرجها، وأنها تكون بالتصريح لا بالكناية.

وتوفر هذه الشروط عسير جداً، وإنما كان الأمر كذلك صيانة للأعراض، فلا ينبغي أن يقول أحد بأن فلانا وقع في كذا إلا إذا كانت عنده البينة الشرعية المعتبرة وإلا فهو قاذف، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 10849.

وإذا تيقنت من فعل هذا الرجل للزنا وعلمت يقيناً أن في إخبار زوجته إزالة للمنكر، وكان عندك على ذلك بينة من أربعة شهود بالضوابط المتقدمة، فيمكن إخبارها، أما إذا لم تكن لك البينة المذكورة أو علمت أن المنكر لا يزول بهذه الطريقة، بل سيكون إخبارها بذلك سبباً في تدمير كيان الأسرة وفساد نظامها، فلا يجوز إخبارها بذلك، لأن في إخبارها مفسدة راجحة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني