الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يؤاخذ من أسلم بما عمل قبل إسلامه

السؤال

كنت أشاهد صلاة الفجر على قناة السعودية وكما تعلمون حفظكم الله أن مابين الأذان والإقامة تقوم القناة بتكليف مذيع بذكر بعض الأحاديث النبوية الشريفة فسمعت حديثا أن الصحابة سألوا رسول الله إن كانوا مؤاخذين بما فعلوا في الجاهلية أم لا فقال صلوات الله وسلامه عليه إن كان إسلامه حسنا ( أولا أذكر الكلمة) فلا يؤاخذ وإن لا فيؤاخذ ... والحديث صحيح .
لكني كنت قد سمعت من أحد أصحابي أن رسول الله قال الإسلام يجب ما قبله أو التوبة تجب ما قبلها .
فكيف نسوي بين الحديثين وهل هما متعارضان أم هناك التباس من ناحية جهلي ؟؟
أرجو الإجابة على السؤال بالتفصيل وإرسال رسالة على بريدي الالكتروني المرفق بالمعلومات عند الإجابة لإعلامي بأنه قد تم الإجابة .... واعذروني في هذا لأنه يصعب على أن أبحث عن الإجابة بنفسي.
شكرا لكم على كامل التعاون ورحابه الصدر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالحديث الأول الذي أشار إليه السائل هو حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رجلا قال: يا رسول الله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية؟ قال: من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية، ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر. رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.

وأما الحديث الثاني الذي أشار إليه السائل فهو حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله.. الحديث. رواه مسلم وأحمد في مسنده.

ولا تعارض بين الحديثين لأن معنى حديث ابن مسعود أن من أحسن في الإسلام أي دخل فيه دخولا حقيقيا فهذا إسلامه يهدم ما كان قبله، ومن أساء أي دخل فيه ظاهرا ولم يدخل فيه باطنا فهذا منافق يؤاخذ بالأول والآخر، فالمراد بالإحسان حقيقة الإسلام، والمراد بالإساءة النفاق. وهذا قول النووي رحمه الله، ونقله عن المحققين من العلماء وجزم به القرطبي.

وقال بعض العلماء المراد بالإحسان الموت على الإسلام فمن مات على الإسلام فقد أحسن إسلامه. والمراد بالإساءة في الإسلام الموت على الكفر والعياذ بالله فيرتد ويموت على الكفر وهذا يؤاخذ بالأول والآخر، وهذا الذي مال إليه الحافظ ابن حجر في الفتح.

وبهذا يعلم الأخ السائل أنه لا تعارض بين الحديثين وأن من أسلم إسلاما حقيقيا ظاهرا وباطنا ومات على ذلك فإن إسلامه يهدم ما كان قبله من الذنوب والسيئات، وهذا معنى حديث عمرو بن العاص. وأما من كفر بعد إيمانه ومات على الكفر أو أسلم نفاقا فهذا يؤاخذ بالأول والآخر، وهذا معنى حديث ابن مسعود.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني