الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نكاح بكر أم ثيب.. رؤية شرعية واقعية

السؤال

أنا شاب بلغت من العمر 27 عاما وعلى أبواب الزواج ، إحدى بنات أقربائي قد توفي زوجها بعد زواجها بسنة واحدة ولم ينجبا أطفالا ، ولا يتقدم إليها إلا المطلقون أو المتزوجون ويريدون زوجة ثانية أو ثالثة ، وهي صغيرة بالعمر وعلى قدر من الجمال وصاحبة خلق ودين واليوم قد تقدم أحدهم لها وهو غير ملتزم بتاتا وعلى ما يبدو أن أهلها سيحرجونها في ذلك وهنا فكرت أن أتقدم أنا لها ولكني أخاف أن أندم فيما بعد ، فهل أقدم على هذه الخطوة بقوة أم أتراجع ؟؟ أفيدوني في هذا أيها الأفاضل ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما دامت المرأة كما ذكرت عن دينها وخلقها وجمالها فلا يعيبها كونها أرملة، ولا حرج عليك في التقدم لخطبتها ما لم تكن قد ركنت إلى الخاطب الذي ذكرت. فإن كان قد حصل منها أو من أوليائها ركون إليه وموافقة له فلا يجوز لك أن تخطب على خطبته ما لم يأذن لك أو يفسخ أولياؤها الخطبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب. رواه البخاري. وانظر الفتوى رقم: 65032.

فإن لم يكن قد حصل بينهما ركون، ولازال في الأمر أخذ ورد، فلك أن تتقدم لخطبتها وتحرص على ذلك لما ذكرت عنها من الصفات الحميدة، وإن ندب الشارع إلى البكر كما في قوله صلى الله عليه وسلم: عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب أفواهاً، وأنتق أرحاماً، وأرضى باليسير. رواه ابن ماجة وحسنه الشيخ الألباني رحمه الله، وأخرج الشيخان في صحيحهما واللفظ لمسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: تَزَوّجْتُ امْرَأَةً فِي عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَقِيتُ النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ "يَا جَابِرُ تَزَوّجْتَ؟" قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: "بِكْرٌ أَمْ ثَيّبٌ؟" قُلْتُ: ثَيّبٌ. قَالَ: "فَهَلاّ بِكْراً تُلاَعِبُهَا؟" قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ؛ إِنّ لِي أَخَوَاتٍ. فَخَشِيتُ أَنْ تَدْخُلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُنّ. قَالَ: "فَذَاكَ إِذَنْ" إِنّ الْمَرْأَةَ تُنْكَحُ عَلَىَ دِينِهَا، وَمَالِهَا، وَجَمَالِهَا. فَعَلَيْكَ بِذَاتِ الدّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ.

والأمر في الحديثين السابقين للندب لا للوجوب، كما ذكره المناوي في فيض القدير.

والراجح عندنا -والله أعلم- أن الأصل في الأفضلية هو زواج الأبكار، لما سبق ذكره.

لكن قد يختلف الحكم باختلاف الشخص، كأن يكون ذا عيال، كما هو حال جابر بن عبد الله، وقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم اعتذاره واستصوبه منه، أو أن يكون غير قادر على افتضاض البكر، أو أن يكون راغباً في امرأة ثيب بعينها لما تتصف به من الصفات الحسنة في دينها وخلقها وهيئتها، كما هو حال السائل.

ولذلك، فإننا نوصي الأخ الكريم أن يقارن بين المصالح والمفاسد المترتبة على الزواج بهذه المرأة، وأن يستخير الله تعالى في أمره، وأن يلجأ إلى الله بالدعاء والتضرع، ثم يشرع بعد ذلك فيما يشرح الله صدره له وييسره له. ومحل هذا ما لم تكن قد ركنت إلى الخاطب الأول كما بينا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني