الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم قول الزوج لزوجه عند الغضب طالق طالق طالق

السؤال

ليلة أول أمس حدث خلاف بين أمي وأبي وفي ساعة الغضب قال والدي لأمي طالق طالق طالق وبعد ساعة قال لها رجعتك فهل الرجعة صحيحة مع العلم أنهما لم يغادرا المنزل وهل تعتبر هذه طلقة أم لا؟ وهل هناك عدة أم لا مع العلم أننا نتبع المذهب الحنفي ؟رجاء عدم إحالتي على سؤال مشابه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإذا كانت الصيغة التي تلفظ بها أبوك لزوجته (أمك) هي ما ذكرت من قوله لها (طالق طالق طالق) فالحنفية يقولون إن ذلك بحسب نيته؛ فإن قصد بالتكرار الإنشاء فإنها تبين منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وأما إن كان قصد بتكرار اللفظ تأكيد الطلاق الأول فإنه يقبل ذلك منه ديانة لاقضاء يعني أنه يحسبها طلقة واحدة فيما بينه وبين ربه، وله مراجعة زوجته، ولكن إذا رفع أمره للقاضي فإنه يحسبها عليه ثلاثا ولا يؤخذ بقصده وقالوا كذلك زوجته فهي كالقاضي إن سمعت منه ذلك لا يجوز لها أن تمكنه من نفسها؛ لأنها تبين منه بما سمعت.

قال الكاساني الحنفي في البدائع: لو قال لها: أنت طالق طالق.. يقع ثنتان إذا كانت المرأة مدخولا بها؛ لأنه ذكر جملتين كل واحدة منهما إيقاع تام لكونه مبتدأ وخبرا، والمحل قابل للوقوع، ولو قال: عنيت بالثاني الإخبار عن الأول لم يصدق في القضاء؛ لأن هذه الألفاظ في عرف اللغة والشرع تستعمل في إنشاء الطلاق فصرفها إلى الإخبار يكون عدولا عن الظاهر، فلا يصدق في الحكم ويصدق فيما بينه وبين الله تعالى. وقال الزيلعي الحنفي في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق: إذا قال أنت طالق طالق طالق، وقال: إنما أردت به التكرار صدق ديانة لا قضاء فإن القاضي مأمور باتباع الظاهر والله يتولى السرائر، والمرأة كالقاضي لا يحل لها أن تمكنه إذا سمعت منه ذلك أو علمت به؛ لأنها لا تعلم إلا الظاهر.

ولكن إن كان غضبه شديدا بحيث لا يعي ما يصدر عنه، ولا يفهم ما تلفظ به لها، فإن طلاقه لا يقع حينئذ، وتبقى زوجته دون مراجعة. وأما إن كان غضبه عاديا لم يصل على تلك الدرجة فلا تأثير له في الحكم. قال ابن عابدين الحنفي في رد المحتار. ولا يخفى أن من وصل إلى حالة لا يدري فيها ما يقول كان في حكم المجنون، وأفتى به الخير الرملي فيمن طلق وهو مغتاظ مدهوش؛ لأن الدهش من أقسام الجنون. انتهى منه بتصرف

وللوقوف على كلام أهل العلم في هذه المسالة وأدلتهم نرجو مراجعة الفتاوى ذات الأرقام التالية: 6396، 60228، 11566.

وينبغي رفع هذا الأمر للمحاكم الشرعية لتفصل فيه وتحكم بما تراه، وقول القاضي فيه يرفع الخلاف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني