الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في البول قائما والشك من إصابة النجاسة

السؤال

هل إذا تبولت واقفاً ثم شككت أن شيئاً قد أصاب ثوبي، فهل يجب أن أغسله، وهل إذا كان ثوبي أصابه شيء فعلا وتجاهلت الشك لأنه مجرد شك وصليت بثوبي فهل يطبق علي حديث الذي يعذب في قبره بسبب أنه لم يستتر من بوله، وما معنى الطهارة لا تزول بالشك، وهل المقصود طهارة الثوب والبدن والمكان؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فينبغي أن يبول الإنسان قاعداً ويكره قائماً لغير عذر، ويحرم إذا تيقن أن البول يصيب بدنه بسبب ذلك، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: من حدثكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال قائماً فلا تصدقوه، ما كان يبول إلا جالساً. رواه الخمسة إلا أبا داود، وقال الترمذي: هو أحسن شيء في هذا الباب وأصح. ودليل الجواز حديث حذيفة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى إلى سباطة قوم، فبال قائماً. رواه الجماعة. والسباطة: ملقى التراب والقمامة.

وقد بين العلماء السبب في بوله قائماً، ومنهم النووي -رحمه الله- في المجموع فقال: وذكر الخطابي ثم البيهقي في سبب بوله صلى الله عليه وسلم قائماً أوجها:

أحدها: قالا وهو المروي عن الشافعي رحمه الله: أن العرب كانت تستشفي بالبول قائماً لوجع الصلب، فنرى أنه كان به صلى الله عليه وسلم إذ ذاك وجع الصلب، قال القاضي حسين في تعليقه: وصار هذا عادة لأهل هراة يبولون قياماً في كل سنة مرة إحياء لتلك السنة.

والثاني: أنه لعلة بمأبضيه. (أي بباطن ركبته لا يقدر على الجلوس معها).

والثالث: أنه لم يجد مكاناً يصلح للقعود، فاحتاج إلى القيام إذ كان الطرف الذي يليه عاليا مرتفعاً، ويجوز وجه رابع: أنه لبيان الجواز. انتهى.

والمطلوب من الإنسان أن يحترز عن النجاسة لأن الطهارة من شروط صحة الصلاة، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما: فكان لا يستبرئ من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة. وفي رواية لأبي داود: أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول.

قال في عون المعبود: وفي رواية البخاري ثم قال: بلى أي وإنه لكبير، ثم قال: قال الخطابي معناه: أنهما لم يعذبا في أمر كان يكبر عليهما أو يشق فعله لو أرادا أن يفعلاه، وهو التنزه من البول وترك النميمة، ولم يرد أن المعصية في هاتين الحالتين ليست بكبير، وأن الذنب فيهما هين سهل. انتهى.

ولكن إذا بال الشخص قائماً أو قاعداً وشك في إصابة البول لبدنه أو ثوبه فلا يلزمه الغسل، وإنما الأفضل أن يغسل ما شك في إصابته لأن الأصل الطهارة في الثوب والبدن والمكان، وما دام الأصل الطهارة فالأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يحصل يقين بوجود النجاسة على واحد مما ذكر، وإذا لم يغسل الشاك في النجاسة فلا يكون ممن يعذب في قبره لكونه لم يستنزه من البول لأن الأصل الطهارة كما سبق.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني