الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء في القراءة خلف الإمام

السؤال

ما هو الأصح في الصلاة هل يقرأ المصلي الفاتحة والآيات بعدها وهو مقتد بالإمام في الصلاة الجهرية أم يكتفي بالإنصات للإمام؟ ولكم جزيل الشكر والعرفان.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالمأموم في الصلاة الجهرية من أهل العلم من يرى أنه يكتفي بالإنصات لقراءة إمامه ولا يقرأ فاتحة ولا غيرها، ومنهم من يرى وجوب قراءة الفاتحة ولا يقرأ غيرها، والأحوط أن يقرأ الفاتحة، ففي المغني لابن قدامة: وجملة ذلك أن المأموم إذا كان يسمع قراءة الإمام لم تجب عليه القراءة، ولا تستحب عند إمامنا والزهري والثوري ومالك وابن عيينة وابن المبارك وإسحاق وأصحاب الرأي، وهذا أحد قولي الشافعي، ونحوه عن سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وسعيد بن جبير، وجماعة من السلف، والقول الآخر للشافعي قال: يقرأ فيما جهر فيه الإمام. ونحوه عن الليث، والأوزاعي، وابن عون ومكحول، وأبي ثور، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب. متفق عليه. وعن عبادة بن الصامت قال: كنا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر، فقرأ، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم يا رسول الله، قال: فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها. رواه الأثرم وأبو داود. وروى عن أبي هريرة عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج، فهي خداج، فهي خداج غير تمام. قال الراوي: يا أبا هريرة إني أكون أحياناً وراء الإمام؟ قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها في نفسك يا فارسي. رواه مسلم وأبو داود.

ولأنها ركن في الصلاة فلم تسقط عن المأموم، كسائر أركانها، ولأن من لزمه القيام لزمته القراءة مع القدرة، كالإمام والمنفرد، ولنا قول الله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. وقال أحمد: فالناس على أن هذا في الصلاة. قال سعيد بن المسيب والحسن وإبراهيم ومحمد بن كعب والزهري: إنها نزلت في شأن الصلاة. وقال زيد بن أسلم وأبو العالية: كانوا يقرءون خلف الإمام، فنزلت: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ. وقال أحمد في رواية أبي داود: أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة. ولأنه عام فيتناول بعمومه الصلاة، وروى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا. رواه مسلم. والحديث الذي رواه الخرقي رواه مالك عن ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة فقال: هل قرأ معي أحد منكم؟ فقال رجل: نعم يا رسول الله، قال: ما لي أُنازَع القرآن. قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما جهر فيه من الصلوات، حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. أخرجه مالك في الموطأ وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني