الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم مطالبة الكفيل بالأداء مع قدرة المدين

السؤال

اشترى صديق لي يعمل في إدارة الجوازات سيارة بالأقساط من أحد المعارض التي تبيع بالأقساط واشترطوا عليه كفيل غرم فقمت بكفالته, وبعد فترة توقف صديقي عن السداد فقام صاحب المعرض بالشكوى علي فقام الشيخ الذي لديه القضيه بإصدار صك يلزمني بدفع ما استحق من المبلغ, وعندما قلت له لماذا لا يقوم صاحب المعرض بالشكوى على صديقي بما أنه لازال على رأس العمل وإذا لم يسدده أو تغيب عن الأنظار فأنا مستعد لدفع ما على مكفولي إلا أن الشيخ قال لي بأن الشاكي مخير (أي له الحرية في أن يختار من يشتكي سواء المكفول أو الكفيل)، فهل يوجد في الإسلام ما يثبت أن الشاكي مخير، ومتى يحق للمدعي أن يشتكي على الكفيل (باعتبار أن المكفول موجود وغير متغيب عن الأنظار)؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف أهل العلم في حكم مطالبة الكفيل بأداء الدين مع عدم تعذر المكفول عنه -المدين- وقد لخصت الموسوعة الفقهية الكويتية هذا الخلاف، فجاء فيها: ذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن الدائن المكفول له يستطيع أن يطالب الكفيل بأداء الدين عند حلوله دون أن يتقيد بتعذر مطالبة الأصيل المكفول عنه، كما يستطيع أن يطالب الأصيل به عند حلول أجله عليه، لأن ذمة كل منهما مشغولة بالدين جميعه، فكان له مطالبة أيهما شاء اجتماعاً وانفراداً، أما المالكية فعندهم رواية -جرى عليها العمل في بعض البلاد- وهو الأظهر، تقرر نفس الحكم. وعندهم رواية أخرى لا تجيز للدائن المكفول له أن يطالب الكفيل بالدين المكفول به إذا كان الدين حالا والأصيل حاضر موسر ليس ذا لدد في الخصومة ولا مماطلا في الوفاء، أو كان الأصيل غائباً وله مال حاضر ظاهر يمكن الاستيفاء منه بدون بعد ومشقة، وهذا إذا لم يكن قد اشترط في عقد الكفالة أن يأخذ الحق من أيهما شاء، وذلك أن الدين إنما وجب ابتداء على الأصيل، والكفالة وثيقة فلا يستوفى الحق منها إلا عند تعذر استيفائه من الأصيل، كالرهن.

وهذه الرواية الأخيرة عن المالكية هي التي عليها المذهب، قال في التاج والإكليل عند شرح قول خليل المالكي في مختصره: ولا يطالب إن حضر الغريم موسراً، من المدونة قال مالك: من تحمل برجل أو بما عليه فليس للذي له الحق إذا كان الغريم حاضراً مليا أن يأخذ من الكفيل شيئاً إلا ما عجز عنه الغريم. ابن يونس: قال بعض أصحابنا: لأن الحميل إنما أخذ توثقة فأشبه الرهن، فلما كان لا سبيل إلى الرهن إلا عند عدم المطلوب فكذلك لا سبيل على الكفيل إلا عند عدم المطلوب.

ومن المقرر شرعاً أن حكم القاضي يرفع الخلاف في المسائل التي اختلف فيها العلماء، وعلى ذلك فما قضى به هذا القاضي صحيح، ولك أن ترجع على صديقك بما أديت عنه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني