الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدم قيام الزوج بحقوق زوجته وأولاده

السؤال

يا شيخ بارك الله فيك زوجي لا يقوم بحقوقنا كما يرضي الله..أنا متزوجة منذ ست سنين وأنجبت منه بفضل الله الأبناء وهو يمتنع عن إطعام أبنائه إذا دعت الحاجة لذلك.. ولم يقم بختان ولدنا الذي يبلغ من العمر أربع سنوات إهمالا منه.. ولا يوفر لنا وسيلة مواصلات للقيام بحاجياتهم.. كذلك إذا كنت نفساء فإنه يأخذني لأهلي -كما هو العرف لدينا- لكنه لا يعطيني مصروفا لأبنائي وإن طلبت منه شيئا أقتر وقلل في عطائه مما يجعلنا في حاجة دائمة.. بطبيعة الحال هو لا يصرف كليةً علي نظرا لكوني موظفة لكن يا شيخ راتبي لا يكفيني ولدي التزامات مادية يعلمها وفوق هذا أحاول تغطية مصاريف واحتياجات أبنائه وأضطر للاستدانة في حال العوز ويعدني بأنه سيرجع لي ما استدينه فأستدين معتمدة على كلامه ثم هو يتهرب من الالتزام فتعف نفسي عن مطالبته بأي وعد منه وأضطر لتأدية الدين من راتبي.. يا شيخ تعبت من حاله وسلوكه وصرت أحمل عبء أبنائه يظن -لشح في نفسه- أنني أطمع بالمال فلا يعطيني شيئا، يا شيخ نحن كل طفل يولد لدينا تتكفل الدولة بإضافة مبلغ من المال على راتب الأب حتى يصرف منه على أبنائه وفي حالة زوجي فإنه إذا رزقنا الله بمولود أسرع لإضافته إلى الراتب حتى تصرف له العلاوة بينما بالواقع أتكفل أنا بحاجاته... كذلك يا شيخ الدولة تصرف علاوة زوجية على اعتبار أنها للزوجة لكنه يضيفها بطبيعة الحال لحسابه... علما بأنه ميسور ماديا وإلا لكنت عذرته.. أي أنه لا ينفق على أبنائه بما يرضي الله ولا ينفق علي هذا بالإضافة إلى أنه لا يهتم لمصلحة أبنائه ولا يقوم بالختان ولا علاجهم ولا تطعيمهم ولا توفير حاجاتهم الضرورية ولا يهتم لنا واكتشفت بنفسي سفره دون علم مني حيث يسافر إلى إحدى دول الجوار المعروفه بالشراب والفساد ويعود في اليوم التالي معتقدا أني لا أدري وطوال يومه يقضيه في الدواوين -مجالس الرجال- ويواصل الليل بالنهار ولا ينام في بيته، علما بأننا نسكن مع أهل زوجي وكل هذا تحت مرأى منهم ولا ينصحونه بل إن والدته تشجعه على السهر وأمامي وتردد على مسامعه أن الرجولة هي أن لا يهتم الرجل لامرأة وأن يكون حرا ولا يخشاها وقد قالت له مرة أمامي أن يبيت في غرفة مستقلة عني.. أقسم بالله يا شيخ أن هذا غيض من فيض وأني أصبر وأحتسب على أمه وأي أذى من جانبها متمنية من الله أن تصبر علي زوجات أبنائي إذا صرت في حالة أم زوجي من نقص بالعقل وغيرة نساء.. والله يا شيخ أنها تقوم بضربي ومرة من المرات أمسكت بشعر رأسي قاصدة ضربي وأنا حامل ولم أفعل إلا أنني ضحكت إحراجا وعندما غضبت ابنتي الصغيرة وقالت لماذا تضربين أمي قلت لابنتي أمام خالتي إن جدتك كأم لي والأم تضرب ابنتها.. أحاول جاهدة أن أرضي أم زوجي وبلا فائده معها، لكني أبتغي الأجر من الله.. يا شيخ ما الحكم في زوجي، فهل يحق له ما يفعله بنا، علما بأنه يعاملني بجفاء ولولا الأبناء لطلبت طلاقي حفظا لكرامتي لكن لا حياة لمن تنادي أستغفر الله وأتوب إليه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرته من أن زوجك لا يقوم بحقوقكم كما يرضي الله، وامتناعه عن تطعيم أبنائه إذا دعت الحاجة لذلك، وعن ختان ولدكم، وامتناعه من إعطائك مصاريف النفقة فترة النفاس حينما تكونين عند أهلك، وعدم اهتمامه بمصلحة أبنائه أو علاجهم... وما ألمحت إليه من اتهامه بالشراب والفساد في الدول التي قلت إن ذلك يمارس فيها، واستمراره على السهر وعدم نومه في بيته، ومعاملتك بالجفاء... وما ذكرته من تشجيع أمه له على السهر وعلى عدم الاهتمام بأمور زوجته... وما قلت إنها تقوم به من ضربك والإمساك بشعرك... هي -في الحقيقة- أخطاء كبيرة من زوجك ومن أمه، ولقد أحسنت أنت كثيراً فيما ذكرته عن نفسك من الصبر واحتساب الأجر من الله، واعلمي أن الله لا يظلم الناس شيئاً، وأنه لن يضيع أجرك، وقد قال جل من قائل: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ {الزمر:10}.

وأما ما ذكرته عنه من أنه كلما ولد طفل يسرع لإضافته إلى الراتب حتى تصرف له العلاوة، وأن الدولة تصرف علاوة زوجية على اعتبار أنها للزوجة لكنه يضيفها لحسابه... فإننا في هذا الأمر لا نستطيع تخطئته أو تبرئته، لأن مثل هذا الأمر يرجع إلى النصوص المعمول بها في البلد، وما إذا كانت تخصص ذلك للزوج أم الزوجة، أم للذي يتولى الصرف منهما، وعلى أية حال، فإن زوجك مخطئ أخطاء كبيرة، ويجب عليه أن يتوب إلى الله منها قبل أن تفوت عليه الفرضة.

وأما أنت فليس من شك في أن ما ذكرته يعتبر أضراراً تستحقين بها طلب الطلاق منه، ولكن ما أردته من الصبر عليه من أجل الأبناء هو الذي نراه أحسن لك، وننصحك بالتوجه إلى الله والدعاء بإصلاح زوجك، فإن الله وحده هو القادر على ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني