الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مسائل في الإيجاب والقبول في النكاح

السؤال

أود أن أعرف الإجابة عن سؤالي: وهو أن زوجي مصل ومؤد لواجباته الدينية والحمد لله، فهل يجوز أن يعقد قران أخيه أي شرعا بعد أن يكملوا إجراءات المحكمة، وإذا كان ذلك ممكنا فما هي الصيغة التي يرددها على الطرفين وجزاكم الله خيرا ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالولي الذي يتولى تزويج المرأة هو الذي اختلف العلماء في اشتراط عدالته كما سبق ذكر أقوالهم في الفتوى رقم: 43004 .

وأما الملقن لصيغة العقد وهو الذي يسمى (المأذون) فلا يوجد دليل في القرآن ولا في السنة ولا في غيرهما يدل على اشتراط وجوده، وعليه فوجوده وعدمه سواء، فلا يضر عقد النكاح أن يكون هذا المأذون كافراً أو فاسقاً.

وإنما يشترط لصحة النكاح الإيجاب من الولي؛ كقوله: زوجتك ابنتي فلانة، والقبول من الزوج كقوله: قبلت تزويجها مع وجود شاهدي عدل، هذا في حال وجود الولي، وليس للصيغة عبارات محددة لا يُعدل عنها كما يظنه بعض الناس، وانظري الفتوى رقم: 80491 .

جاء في الموسوعة الفقهية ما نصه: وأما الإيجاب فعند جمهور الفقهاء - المالكية والشافعية والحنابلة - هو ما يصدر من ولي الزوجة، والقبول هو ما يصدر من الزوج أو وكيله.

لكن المالكية والشافعية يستوي عندهم أن يتقدم القبول على الإيجاب أو يتأخر عنه ما دام قد تحدد الموجب والقابل، فلو قال الزوج للولي: زوجني أو تزوجت بنتك كان قبولا، ولو قال الولي بعد ذلك: زوجتك أو أنكحتك كان إيجابا، وانعقد النكاح بذلك.

إلا أن المالكية قالوا يندب تقدم الإيجاب.

أما عند الحنابلة فلا بد أن يتقدم الإيجاب على القبول، ولا يجوز أن يتقدم القبول عليه، قالوا لأن القبول إنما يكون للإيجاب، فمتى وجد قبله لم يكن قبولا لعدم معناه فلم يصح، فلو قال الزوج: تزوجت ابنتك، وقال الولي: زوجتكها، لم يصح رواية واحدة.

وأما الحنفية فالإيجاب عندهم هو ما يصدر أولا، سواء أكان المتقدم هو كلام الزوج أم كان كلام الزوجة أو وليها، والقبول هو ما يصدر مؤخرا، سواء أكان صدوره من الزوج أم كان من الزوجة أو وليها.

وعلى هذا لو قال الزوج: زوجني أو تزوجت بنتك كان إيجابًا، فلو قال الولي أو الزوجة: قبلت كان قبولا، وينعقد النكاح بذلك.اهـ

وإذا أحببتم صيغة مقترحة يمكن قولها فنقترح ما يلي:

أن يبدأ الزوج فيقول: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

وإن زاد بعض الآيات والأحاديث مع شيء من الوعظ والتذكير ونحو ذلك فلا حرج كأن يزيد مثلاً: قال الله: تعالى: وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الرُّوم:21}.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ.

ثم يقول ولي المرأة الذي هو أبوها أو غيره من الأولياء مخاطباً الزوج، فإن كان الأب قال: زوجتك بنتي فلانة {ويذكر اسمها أو ما يميزها من الأوصاف؛ كأن يقول الكبيرة أو الصغيرة، وإن لم يكن له غيرها يكفي أن يقول زوجتك ابنتي} على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، و بالمهر المتفق عليه وقدره كذا، مع العلم أن عدم تسمية المهر أو تحديده في عقد النكاح لا يؤثر على صحة العقد، وذلك أن المهر ليس شرطا في عقد الزواج، ولا ركنا عند جمهور الفقهاء، وإنما هو أثر من آثاره المترتبة عليه، فإذا تم العقد بدون ذكر مهر صح باتفاق الجمهور؛ لقوله تعالى: لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً {البقرة:236}.

ثم يقول الزوج: قبلت نكاح ابنتك فلانة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وبالمهر المذكور.

وللعلم فإن أكثر ما ذكرناه في هذه الصيغة ليس لازماً، فلو قال الولي دون أي مقدمات: زوجتك فلانة، وقال الزوج: قبلت نكاحها، وكان هذا بحضور شاهدي عدل فقد تم عقد النكاح صحيحاً مكتملاً. وللفائدة تراجع الفتوى رقم: 80708 والفتوى رقم: 80278، والفتوى رقم: 73917.

والله أعلم

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني