الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم نعي الخطيب لشخص والدعاء له

السؤال

هل يجوز لخطيب الجمعة أن ينعى شخصا توفي على المنبر في أثناء الخطبة ويطلب من المصلين الدعاء له؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالظاهر أنه لا مانع شرعاً من نعي الخطيب أثناء الخطبة شخصاً قد مات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد تكلم أثناء الخطبة وأمر ونهى، ففي طرح التثريب للحافظ العراقي عند كلامه على ما روي عن بريدة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال: صدق الله ورسوله؛ إنما أموالكم وأولادكم فتنة. نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي فرفعتهما. رواه أصحاب السنن وابن حبان وقال الترمذي حسن، قال: فيه جواز كلام الخطيب في أثناء الخطبة بما ليس منها. انتهى.

وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له: أصليت شيئاً قال: لا، قال: صل ركعتين تجوز فيهما. قال في عون المعبود شرح سنن أبي داود عند كلامه على هذا الحديث وما في معناه من الأحاديث نقلاً عن النووي: وفي هذه الأحاديث أيضاً: جواز الكلام في الخطبة لحاجة، وفيها: جوازه للخطيب وغيره، وفيها: الأمر بالمعروف والإرشاد إلى المصالح في كل حال وموطن. انتهى.

وفي مصنف عبد الرزاق: حدثنا غندر عن شعبة عن إياس بن معاوية قال: جلست إلى سعيد بن المسيب فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من مزينة، قال: إني لأذكر يوم نعي عمر بن الخطاب النعمان على المنبر. انتهى.

أما الدعاء للشخص المذكور، فإن كان المراد أن الخطيب عندما نعاه طلب من المأمومين الدعاء له فيما بعد، فالظاهر أن ذلك جائز لأنه مجرد وصية، أما دعاؤهم له أثناء الخطبة فإنه غير مشروع لأنهم مأمورون بالإنصات أو التأمين على دعاء الإمام، وأما دعاء الخطيب له أثناء الخطبة فإنه من الدعاء للمعين في الخطبة وهو محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من يرى جوازه وهم الحنابلة، ففي كتاب الإنصاف في الفقه الحنبلي: (ويدعو للمسلمين) يعني عموما (يعني الخطيب)، وهذا بلا نزاع، ويجوز لمعين مطلقاً، على الصحيح من المذهب، وقيل: يستحب للسلطان، وما هو ببعيد، والدعاء له مستحب في الجملة. انتهى بتصرف يسير.

ومنهم من يرى أنه لا يستحب؛ كما صرح بذلك صاحب المهذب في الفقه الشافعي، فقال: وأما الدعاء للسلطان فلا يستحب، لما روي أنه سئل عطاء عن ذلك فقال: إنه محدث، وإنما كانت الخطبة تذكيراً. انتهى.

وفي مواهب الجليل في الفقه المالكي: قال سند: وأما الدعاء للسلاطين فلا يستحب؛ لما روي عن عطاء أنه سئل عن ذلك فقال: هو محدث. انتهى، ولبيان النعي المشروع والنعي المحرم تراجع الفتوى رقم: 23113.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني