الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم انتحال شخصية الغير في المنتديات

السؤال

انتحال شخصية.
فقط أود أن أستفسر في كيفية التصرف في الحالة التالية: في إحدى المنتديات نحن نواجه قضية انتحال شخصية، القصة وما فيها أن هناك عضوا معنا قد انتحل شخصية إحدى الشخصيات المعروفة وقد كشفنا عن ذلك وبالأدلة في نهاية المطاف أبلغنا الإدارة وشددنا في أن يكون الأمر بيننا فقط، فهل تصرفنا كان صحيحا أم أنه كان من الأحرى أن نستر ولا نفضح، وهل يجب أن يتم الوضع على ما هو عليه، وهل يجب التستر على هذه الشخصية خصوصا أنها متمادية بفعلها أو وجب الإعلان عنها كي تكون عبرة لمن لا يعتبر، علما بأن الشخصية الحقيقية لا تعلم بعد عما يحدث من وراء ظهرها وكيف أن اسمها قد استغل ونسب لشخصية أخرى، وما فعلناه فقط هو أنا سألناها فيما إذا كانت مشتركة في المنتدى الفلاني أم لا وأجابت بالنفي، وعندما أحبت أن تعرف القضية لم نجبها وقلنا إن الإدارة ستتولى هذا الأمر معها (الشخصية الحقيقية)، والآن نحن في حيرة من أمرنا فلا نعرف أنستر أم أن هذا يعتبر من السكوت عن الحق؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فانتحال الشخصية يمكن أن يكون على وجه التنقيص لتلك الشخصية، أو على وجه يسبب له ضرراً، أو على وجه ينال به المنتحل أمراً لا يستحقه، أو على وجه يترتب به الوقوع في أمر محرم، أو على أي وجه آخر غير ما ذكر.

فإن كان على وجه التنقيص كان من الغيبة وكان حراماً لما في سنن أبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت: .. وحكيت له أي رسول الله صلى الله عليه وسلم إنساناً فقال: ما أحب أني حكيت إنساناً وأن لي كذا وكذا. وجاء في عون المعبود عند شرح الحديث المذكور: (فقال):أي النبي صلى الله عليه وسلم (ما أحب أني حكيت إنساناً) أي ما يسرني أن أتحدث بعيبه أو ما يسرني أن أحاكيه بأن أفعل مثل فعله أو أقول مثل قوله على وجه التنقيص. وفي فيض القدير شرح الجامع الصغير: (ما أحب أني حكيت إنساناً) أي فعلت مثل فعله أو قلت مثل قوله منقصاً له، يقال حكاه وحاكاه، قال الطيبي: وأكثر ما تستعمل المحاكاة في القبيح..

وإن كان ذلك يسبب الإضرار للشخص المنتحل، كان حراماً أيضاً، لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: لا ضرر ولا ضرار. أخرجه الإمام أحمد في مسنده وهو أيضاً في سنن الدارقطني وغيره، وكذا الحكم أيضاً فيما إذا كان المنتحل يفعل ذلك لينال أمراً لا يستحقه، أو كان يترتب على الانتحال الوقوع في أمر محرم، لما في الأولى من الظلم، ولأن ما أدى إلى الحرام كان حراماً.

وعلى افتراض أن يخلو الانتحال من جميع هذه الافتراضات فلا أقل من أن يكون إخباراً بخلاف الواقع، وهذا كذب ثم إنه قد لا يسلم من أن يكون غشاً للمشاركين في المنتدى فربما غير بعضهم رأيه لو علم أن الكاتب غير فلان، و إن كلا من الغش والكذب محرم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ومن غشنا فليس منا. رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً. رواه مسلم من حديث عبد الله بن مسعود.

وأما الكيفية التي يجب عليكم التصرف بها، فهي والله أعلم أنه إذا كان الانتحال المذكور داخلاً في إحدى الحالات الممنوعة فالواجب أن تمنعوا من وقوعه بقدر ما تستطيعونه على حسب مراتب تغيير المنكر، وإن لم يكن داخلاً في المنع فلا نرى وجها للتعرض لفاعله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني