الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وقوع الطلاق قضاء لا ديانة

السؤال

هل إذا وقع من الزوج طلاق قضاء ولم يقع ديانة كما أفتى بذلك الأتقى للزوجة ألا ترفع الأمر للقضاء، وهل حياتها مع زوجها سليمة ليس فيها شيء وهو زوجها يقينا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إلي، فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع منه، فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذن منه شيئاً، فإنما أقطع له قطعة من النار. رواه مالك والبخاري ومسلم وغيرهم عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وفي هذا الحديث دلالة لمذهب مالك والشافعي وأحمد وجماهير علماء الإسلام وفقهاء الأمصار من الصحابة والتابعين فمن بعدهم أن حكم الحاكم لا يحيل الباطن، ولا يحل حراماً، فإذا شهد شاهد زورا لإنسان بمال، فحكم به الحاكم، لم يحل للمحكوم له ذلك المال، ولو شهدا عليه بقتل لم يحل للولي قتله مع علمه بكذبهما، وإن شهدا بالزور أنه طلق امرأته لم يحل لمن علم بكذبهما أن يتزوجها بعد حكم القاضي بالطلاق، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: يحل حكم الحاكم الفروج دون الأموال، فقال: يحل نكاح المذكورة، وهذا مخالف لهذا الحديث الصحيح ولإجماع من قبله، ومخالف لقاعدة وافق هو وغيره عليها، وهي أن الأبضاع أولى بالاحتياط من الأموال. والله أعلم.

وقال العلامة محمد بن يوسف العبدري المالكي الشهير بالمواق في كتابه التاج والإكليل: وهذا إجماع من أهل العلم في الأموال، وإنما اختلفوا في حل عصمة النكاح أو عقدها بظاهر ما يقضي به الحكم، وهذا خلاف الباطن فذهب مالك والشافعي وجمهور أهل العلم إلى أن الأموال والفروج سواء، وقال أبو حنيفة وكثير من أصحابه: إن ذلك في الأموال خاصة، فلو أن رجلين تعمدا الشهادة بالزور على رجل أنه طلق امرأته فقبل القاضي شهادتهما لظاهر عدالتهما عنده، وفرق بين الرجل والمرأة أنه يجوز لأحد الشاهدين أن يتزوجها وهو عالم بأنه كاذب في شهادته. انتهى.

وعليه فإذا قضى الحاكم بطلاق امرأة من زوجها بشهادة زور، أو إقرار من الزوج بأنه طلق وهو في الحقيقة كاذب في إقراره، فإن هذه المرأة تعتبر زوجة له في باطن الأمر ويجوز له الاستمتاع بها، ويجوز لها مطاوعته إذا علمت صدقه أو غلب على ظنها ذلك، لأن حكم الحاكم لا يحرم الحلال كما سبق، وفي مسألة تكذيب الزوج نفسه خلاف سبق ذكره في الفتوى رقم: 23014.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني