الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم بيع أو تأجير شقة تم شراؤها بقرض ربوي

السؤال

شيخنا الفاضل أعيش مع زوجي في فرنسا حيث إننا ضقنا ذرعا بالخضوع لاستغلال الإيجار فقررنا أن نتحرر ونحسن وضعنا وأخذنا بفتوى المجلس الأوروبي أننا بإمكاننا أخذ قرض لشراء شقة فاشترينا على أمل أن نوفر ما كنا نضعه في الإيجار فنضعه ثمنا لبيتنا، ولكن ما جرى أننا أصبحنا ندفع الفائدة فقط ما يعادل إيجار منزل حيث إن البنك أصبح يأخذ الكم الأكبر من الفائدة في السنوات الأولى.. بالإضافة إلى أن هناك ما يسمى ضريبة تشمل النظافة وما إلى ذلك قد ارتفعت بشكل مزعج وتعبنا والله من هذا الاستغلال فقررنا العودة إلى الإيجار... وهنا سؤالي: هل تنصحنا في مثل حالتنا أن نبيع هذه الشقة ونعود للإيجار.. علما بأن هناك حلا آخر هو أن نؤجرها والطلب عليها كبير للإيجار وبمبلغ يساوي تقريبا ما ندفعه للبنك وللضريبة ونستأجر نحن أخرى أرخص فلا تكون عبئا علينا أم أن هذا الأمر يعتبر متاجرة وغير محبذ.. والأمر الآخر الذي أريد سؤال فضيلتكم عنه هو أنني أبحث جاهدة عن عمل لي ولزوجي في بلد عربي حتى نتحرر من السبب الوحيد الذي يربطنا بهذه البلد وهو عمل زوجي وأني والله أريد الهروب من هذا المجتمع خشية على أولادي أن يكبروا ويترعرعوا في بلد كفرنسا.. فهل نحن على صواب؟ أسأل الله ان يجزيك كل الخير عنا ولك منا جزيل الشكر والمحبة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد سبق أن بينا أنه لا يجوز الاقتراض بالربا إلا لضرورة ملجئة لا يمكن دفعها إلا بالاقتراض، ومعلوم أن الرغبة في شراء بيت للسكنى فيه بدلاً من السكنى بالإيجار ليست ضرورة ملجئة يستباح لأجلها الحرام، فعليك وعلى زوجك أن تتوبا إلى الله من ذلك. وراجعي فيما يتعلق بفتوى المجلس الأوروبي الفتوى رقم: 49918، وفيما يتعلق بالضرورة المبيحة للاقتراض بالربا الفتوى رقم: 6501.

أما بالنسبة للشقة التي تم شراؤها بالقرض الربوي، فإذا كان بيعها واستخدام ثمنها في تسديد ما بقي من القرض سيؤدي إلى إلغاء الفوائد الربوية المتبقية، وجب ذلك خروجاً من المعاملة الربوية، فقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {البقرة:278}، أما إذا كانت هذه الفوائد باقية، سواء عجل تسديد القرض أم لا فلا يلزم بيعها، ولكما أن تفعلا فيها ما تشاءان من بيعها أو تأجيرها أو السكن فيها على حسب ما ترون من مصلحتكم، ولا يضر كون هذه الشقة قد اشتريت بقرض ربوي، لأن القرض بعد قبضه يصبح ملكاً للمقترض كسائر أمواله، ويصير ديناً في ذمته، وسواء في ذلك القرض الربوي وغيره، إلا أنه يأثم بالاقتراض من الربا، ويجب عليه التوبة منه. وراجعي في ذلك الفتاوى ذات الأرقام التالية: 16659، 49952، 3691.

وبالنسبة لحكم البقاء في فرنسا ونحوها من البلاد فقد فصلنا الكلام في ذلك في الفتوى رقم: 51334.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني