الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم من حلف عدة أيمان ثم حنث

السؤال

منذ أن بلغت وأنا لا أعلم أنه يجب الغسل بعد الاستمناء، فكنت أصلي وأصوم وأنا أستمني ويمر علي رمضان وأنا أستمني في نهاره ولا أعرف أنه يفطر ولا أعرف أنه ينقض الطهارة فكنت أصلي وأصوم، وبعد ذلك عرفت أن الاستمناء يفسد الصوم ولم أكن أعرف أن إفساد الصوم يعني عدم صحته، بل كنت أظن أنه ينقص من الأجر فقط، ولكن وبعد حوالي 4 سنين عرفت أنه ينقض الطهارة ولا يصح الصوم ولا تصح الصلاة فأقلعت عن ذلك، فما حكمي في السنين الماضية من صلاة وصيام، وبعد علمي بأن الاستمناء ينقض والطهارة والصيام استمنيت في نهار رمضان حوالي يومين فما حكم هذين اليومين، مع العلم بأنها قبل حوالي سنتين؟ وجزاكم الله خيراً. سؤالي الثاني: أنني كنت أحلف أني لا أستمني أبداً، ثم أستمني بعد ذلك -لا أستطيع أن أمسك نفسي- ثم أحلف ثم أنقض يميني حوالي 20 مرة أو أكثر، فما الحكم في ذلك، مع العلم بأن هذه اليمين من قبل 6 سنوات، جزاكم الله خيرا أفيدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن أول ما يجب على المسلم بعد البلوغ أن يتعلم العقيدة الصحيحة، وأحكام صلاته وصيامه، وما يشترط لصحتهما وما يفسدهما، وما يجوز فيهما وما لا يجوز، فإن فرط في تعلم ذلك كان عاصياً، ولا سيما إذا كان ناشئاً في بلد من بلاد المسلمين، حيث يتيسر وجود من يفقهه في أحكام دينه، وعلى كل حال فإن الاستمناء حرام ويسبب أضراراً كثيرة، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 23868.

ثم إن من استمنى وخرج منه المني فقد وجب عليه الغسل، ولا تصح منه صلاة حتى يغتسل بنية الاغتسال من الجنابة أو رفع الحدث، وكذلك يفسد الصوم بالاستمناء في نهار رمضان إذا خرج المني. وعليه، فإن على الأخ السائل أن يتوب إلى الله تعالى من هذه الممارسة المحرمة فيما مضى، ويبتعد عنها في المستقبل، سواء في ذلك وقت الصيام وغيره، كما يجب عليه أن يعيد الصلوات التي كان يصليها وهو جنب، فإن جهل عددها فعليه أن يجتهد ويقضي ما يغلب على ظنه أنه قد برئت به ذمته، وبذلك تبرأ الذمة، ويقضي في اليوم ما يستطيع حتى يبرئ ذمته من هذه الفرائض. وكونه لم يعلم حكم ما يترتب على الاستمناء لا يعذر به في قضاء الصلاة. ولبيان كيفية قضاء الفوائت يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 70806.

أما الصيام فلا يطالب بقضاء ما فسد منه في الفترة التي كان يجهل فيها أن الاستمناء يفسده، وقيل يجب القضاء على كل حال، انظر الفتوى رقم: 79032 هذا عن الشق الأول من السؤال من السؤال الأول.

أما عن الشق الثاني منه فيجب قضاء اليومين الذي حصل فيهما الاستمناء بعد العلم بأنه مفطر، وانظر في ذلك الفتوى رقم: 7828.

وبالنسبة للسؤال الثاني فما دام الأخ السائل كان يحلف ثم يحنث ثم يحلف ويحنث وهكذا من غير أن يكفر -كما هو الظاهر- فإن عليه بكل حنث كفارة يمين، كما سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 22027، والفتوى رقم: 11229، خلافاً للحنابلة ففي هذه الحالة لا تجب عندهم إلا كفارة واحدة، قال في مطالب أولي النهى ممزوجاً بمتن غاية المنتهى في الفقه الحنبلي: (ومن لزمته أيمان موجبها واحد ولو على أفعال) نحو: والله لا دخلت دار فلان، والله لا أكلت كذا، والله لا لبست كذا، وحنث في الكل (قبل تكفير)، (فكفارة واحدة) نصاً، لأنها كفارة من جنس، فتداخلت كلها كالحدود من جنس-.. إلى أن قال: (وإن حنث في يمين واحدة وكفر عنها، ثم حلف) يميناً (أخرى، لزمته) كفارة (ثانية) وكذا لو كفر عن الثانية ثم حلف يميناً أخرى، لزمته كفارة ثالثة (وهلم جرا) لوجوب كل واحدة عليه بالحنث بعد أن كفر عن التي قبلها، كما لو وطئ في نهار رمضان فكفر، ثم وطئ فيه أخرى، بخلاف ما لو حنث في الكل قبل أن يكفر كما تقدم. انتهى. ولبيان كفارة اليمين يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 2053.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني