الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الزواج من ثانية إذا كانت الأولى لا تعف الزوج

السؤال

هل أخطأت؟ عمري 50 سنة ومتزوج منذ 24 سنة ولي 3 أبناء ذكور أحاول أن أربيهم علي ما يرضي الله ولا آلو جهداً في ذلك وزوجتي امرأة لا يعيبها شيء سوي بعض الأفكار الدنيوية التي اكتسبتها من البيئة التي تربت فيها، لكنها أيضا تحاول مرضاة الله في جل أمورها والمشكلة كانت منذ زواجنا أنها لا تشبعني من الناحية الزوجية في المعاشرة وكنت أصبر عليها على أساس أنني أحبها وأتجاوز عن هذا الأمر أمام مميزات لا حصر لها وخاصة أنها تحاول إرضائي أثناء المعاشرة الزوجية للتعويض عما أعانيه وبمرور الأيام وكبر السن اتسعت الفجوة بين رغباتنا في هذا الأمر وكنت أتدارك الموقف بكثرة الالتجاء إلي الله أو الصيام إلا أنني منذ سنتين وجدتني اشكو لبعض المقربين مما أعانيه رغم أنني لم يسبق لي مناقشة هذا الأمر من قبل مع أحد فاقترح علي أحد المشايخ أن أتزوج وأحد الأصدقاء نصحني بأن نغير الجو الذي نعيش فيه وبالفعل سافرنا إلى الإسكندرية عسى أن تحل المشكلة إلا أن الظروف الصحية والنفسية لها لم تسمح ومضت العطلة دون أي تطور وعدت إلي عملي بإحدى الدول العربية بمفردي على أن تلحق بي بعد 3 أسابيع خلال تلك الفترة فتنت بالنساء حتى أن مقاومتي للإغراءات المحيطة بي ضعفت -وهو أمر لم يحدث لي إطلاقا من قبل حتي أثناء الشباب- لكن الله سلم وعصمني من الزلل والفتنة وكان دخول شهر رمضان المبارك حافزا لي للاستغفار والتوبة النصوح والبعد عن تلك الوساوس والحمد لله رب العالمين إلا أنني قررت أن أتزوج ووصيت الإخوة الصالحين أن يبحثوا لي عن سيدة تكون في حاجة إلى رجل يعفها ويعينها على شقاء الحياة وإن كان لها أيتام يكون أفضل لأربيهم معها وليس لي شرط سوى أن تكون على قدر طيب من الدين وخلال رحلة البحث نوهت لزوجتي أكثر من مرة بأنني سأتزوج ولم أجد منها أي بادرة للرفض حتي شعرت أن الأمر ميسر وجد الإخوة امرأة ضريرة ووافقت إلا أنها تزوجت قبل أن أتقدم إلى أهلها ثم اختاروا لي أختا فاضلة وداعية وعمرها 42 سنة ولم يسبق لها الزواج وعندما قيل لي بأنها ليست جميلة كان ردي بفضل الله أن دينها سيجملها وأنني أود ذات الدين وتقدمت لوالدها وقرأت معه الفاتحة وأصرت الأخت على إبلاغ زوجتي أولا قبل العقد حتى تضمن ألا تكون سببا في هدم بيتي وتكلمت مع زوجتي في غرفتنا وتقبلت الأمر لمدة دقيقتين وعندما سألتني عن موعد الزواج وأبلغتها أنه سيكون في شهر 7 أو 8 إذا أراد الله........ فجأة انقلبت تماما وأجهشت في البكاء ثم تحولت إلى امرأة أخرى لا أعرفها وظلت تتكلم وتتكلم وفي وسط الكلام بعض السب والمعايرة على أمور لم أكن أتخيلها ولولا أني أغلقت باب الشقة ومنعتها بالقوة أن تخرج لخرجت بعد منتصف الليل من البيت بحجة السفر إلى بلادنا وطلبت الطلاق صراحة وكل هذا وأنا مذهول مما يحدث وظللت أقرأ سورة البقرة حتى أطرد الشيطان من البيت إلي أن هدأت تماما بعد أن وعدتها بعدم زواجي من أخرى ولم يحدث هذا الأمر إلا بسبب خوفي على حياتها حيث إنها تصاب بنوبات ربو حادة وأن هذه الأيام أيام اختبارات لأبنائي فتراجعت بصفة مؤقتة عن الفكرة وبعد إلحاحها أقسمت لها على ذلك ولا أدري كيف أقسمت وفي نيتي عدم تنفيذ هذا القسم، أسأل الله أن يسامحني على ذلك، وسؤالي هو: كيف يمكن التوبة عن هذا اليمين، بعد عدة استخارات تجاوزت الخمس مرات لازلت أنوي الزواج من هذه الأخت وأخاف على زوجتي أن تموت من القهر وخاصة أن الأطباء المعالجين لحالة الربو هذه حذرونا أكثر من مرة من أن الحالة النفسية مؤثرة عليها إلى درجة كبيرة، وهل أنا مخطئ فيما يحدث وإذا كانت الإجابة بنعم فما نصيحتكم لي حتي لا أغضب الله سبحانه وتعالي، أعتذر عن الإطالة وأرجو عدم نشر القصة على النت إن أمكن وإرسال الرد بالبريد الإلكتروني؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يتضح لنا السبب الذي من أجله لم يجد السائل ما يريده من زوجته، هل كان من كسبها أم كان لسبب آخر خارج عن إرادتها، ولكن نقول إنه يجب على المرأة أن تمكن زوجها من نفسها، كما هو موضح في الفتوى رقم: 55879.

فإن منعته الاستمتاع أو لم تمكنه على نحو ما في الفتوى المحال عليها فإنها تأثم، أما إذا كان الأمر لغير سبب منها فلا إثم عليها، وعلى كل حال فما دامت لا تعفك سواء أكان لها عذر أم لم يكن لها عذر فينبغي أن تتزوج معها ثانية إذا كنت تقدر على شرط التعدد، ألا وهو العدل بين الزوجات فيما يجب فيه العدل، قال الله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ {النساء:3}، وليس لزوجتك أن تمانعك في ذلك، بل ينبغي أن تعينك عليه ما دامت لا تستطيع إعفافك وإجابتك كلما طلبتها لفراشك، ولكن ينبغي مراعاة الحكمة في ذلك وعدم العجلة حتى تقنعها به، وأنه خير لها من الفرقة، وأنك ما فعلت ذلك إلا حباً لها وحرصاً عليه لتبقى معك لمصلحتها ومصلحة الأبناء، ويمكنك توسيط بعض طالبات العلم والداعيات للتأثير عليها وأخذ موافقتها، فإن أصرت على الرفض ومانعت في القبول فإذا استطعت أن تتزوج عليها دون أن تعلم بذلك فهو حسن إذ لا تشترط موافقتها ولا إذنها، وإن لم يمكن ذلك واصرت على الرفض وطلب الطلاق وكنت لا تستطيع الصبر وهي لا تستطيع تلبية رغباتك وإعفافك عن الحرام ولم تجد سبيلاً للوفاق فطلقها، لأن طاعة الله أولى وآكد، فقد ثبت في صحيح ابن حبان بإسناد صحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من التمس رضى الله سبحانه بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضي الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس.

وأما يمينك التي حلفتها لزوجتك على ألا تتزوج عليها فهي يمين منعقدة لكونها على أمر مستقبل، قال الباجي في المنتقى: الأيمان على ضربين: يمين على مستقبل، ويمين على ماض. فأما اليمين على المستقبل وهو ما تقدم ذكره فلا يدخلها في قول مالك لغو ولا غموس وإنما يدخلها البر فلا تجب كفارة أو الحنث فتجب فيه الكفارة. فهي منعقدة إذاً ولكن لك أن تتحلل منها بالكفارة، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني والله -إن شاء الله- لا أحلف على يمين ثم أرى خيراً منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير. وعند مسلم: من حلف علي يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير. ففي هذا الحديث دليل على أن الحنث في اليمين أفضل من التمادي إذا كان في الحنث مصلحة -كما هو حال السائل الكريم- والكفارة التي أمرنا الله تعالى بها هي:

1- إطعام عشرة مساكين من أوسط الطعام.

2- كسوة عشرة مساكين.

3- تحرير رقبة مؤمنة.

وهذه الثلاثة على التخيير فمن فعل واحدة منها أجزأته عن الباقي، فإذا عجزت عن هذه الثلاثة انتقل إلى صيام ثلاثة أيام، قال الله تعالى: لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {المائدة:89}، وأما نيتك عند الحلف على عدم البر فلا تأثير لها في انعقاد اليمين، ونرجو أن لا يكون عليك فيها إثم ما دمت تقصد منها تطييب خاطر الزوجة وتفادي ما قد يحدث لها لو لم تحلف.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني