الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مذاهب العلماء فيمن اشترطت على زوجها أن تزور أهلها كل فترة معينة

السؤال

أولا أود أن أشكركم على هذا الجهد الجبار وهذه الدرر التي تنثرونها في طريقنا وتنورون بها دربنا جزاكم الله خيراً على ما نفعتمونا به من معلومات عن ديننا الحنيف ونبينا الطاهر صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
أود أن اسأل عن أمر حصل معي، وأعرف رأيكم ومشورتكم، سيدي الفاضل: أنا تزوجت قبل أكثر من 15عاما، وكان زوجي يعمل خارج الوطن، يعني مغترب، وحين تقدم لخطبتي، اشترط عليه أهلي أن يعيدني لرؤيتهم مرتين في العام، ووافق! وتزوجنا وشاءت الظروف أن يترك عمله ونعود لنستقر في بلدنا، ثم بعد 4 سنوات تقريبا، شاء القدر أن نشد الرحال مرة أخرى ليبحث عن عمل له خارج الوطن... أي عدنا للغربة مرة أخرى! ولا ضير في هذا طالماهذه مصلحة بيتنا وأولادنا ومصدر رزقنا، لكن ما حصل الآن أني حين أطالبه أن يسمح لي برؤية أهلي، كما وعد واتفقنا، يقول هذا أول الزواج وليس مدى الحياة!! فهل هذا الكلام منصف يا سيدي الفاضل، ألم يكن واضحا أن اتفاق أهلي معه كان طالما أني في غربة فإن شرطي عليه هو إرجاعي كل 6أشهر، ومع هذا أنا لا أطلب أن أزورهم كل 6 أشهر لأني أقدر وأحس أن في ذلك مبالغة مادية ربما تكون مكلفة عليه، رغم أنه يستطيع ذلك ماديا، وهو ميسور الحال والحمد لله أنا أراعي ظرف المدارس وحاجة أولادي لي... لكن لنفسي أيضا حق علي وهذه الغربة كلفتني الكثير من أعصابي ونفسيتي أأصبر طوال السنة.. وأتحمل الوحدة والعزلة، حتى أفاجأ أن تعلقي بأهلي زائد!! أو أن هذا دلال وترف!! هو يا سيدي لا يرى ضرورة كبيرة للزيارة ورؤية العائلة وكأنها أن أزلنا كل اعتبار للمودة والاشتياق، كأنها ليس فيها أجراً من صلة الرحم معهم!! أتمنى أن أجد لديكم جوابا وافيا واضحا، هل يحق لي أن أطلب منه تنفيذ شرط زواجنا كما اتفقنا، أم أن الدهر أكل عليه وشرب... ولم يعد فعالاً، علما بأنه حين خطبني لم يحدد وقتا للعودة وترك الغربة، يعني أن غربتنا غير معروف متى ستنتهي، وأن أهلي حين وافقوا واشترطوا شرطهم على ظن أنه سيظل مستمرا في عمله.. خارج الوطن!! ملاحظة: أنا من وطن محتل حاليا، وفي دخولنا إليه مجازفة، فهل يحق لي أن أطلب من زوجي الميسور أن يجلب لي أهلي لرؤيتهم في بلد قريب... عليهم وعلينا، هل هو ملزم إن تمكن ماديا، ولدي سؤال آخر: لطفا هل يجوز للمرأة التي أهانها زوجها لفظيا أو جسديا أن تمتنع عن فراشه لو دعاها... رغم خلافهما، حتى لو كانت هي على حق، وليست مخطئة؟ جزاكم الله كل خير وأشكركم على سعة صدركم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فشرطك عليه أن يعيدك إلى أهلك كل سنة مرتين شرط صحيح ويندب الوفاء به لدى الجمهور ويجب عند الحنابلة، ولا ينتهي أمده بانتقاله إلى بلد آخر أو عودته إلى بلدك الأصلي ثم سفره عنه أخرى ما لم يكن ذلك من الشرط أو يقتضيه، وانظري تفصيل الشروط في النكاح وما يجب الوفاء به منها وما لا يجب في الفتوى رقم: 59904.

وبناء عليه؛ فلك المطالبة بما اشترطت على زوجك، ووفاؤه لك بما اشترطت أقل درجاته الاستحباب، ونحن ننصحه بالأحوط له والأبرأ لذمته بأن يطيب خاطرك بزيارة أهلك سيما وأنه لا ضرر عليه في ذلك -كما ذكرت- ولو مرة كل سنة، وننصحك أنت ألا تثقلي كاهله بتكرار الزيارة متى ما رأيت ذلك يشق عليه، فتعاونا وتناصحا، واعلما أن الحياة الزوجية مبناها على الألفة والمودة والتفاهم، فليتجاوز بعضكما لبعض عن هفواته ويتغاضى له عما يمكن التغاضي عنه من حقوقه، وما لا يمكن ينصحه ويذكره دون سب أو إهانة أو غيرها وبذلك تسود المحبة والألفة أرجاء بيتكما، وللفائدة نرجو مراجعة الفتوى رقم: 2589، والفتوى رقم: 49841.

وأما أن يجلب إليك أهلك فلا يجب عليه ذلك ولا يلزمه مطلقاً، ولكن إذا كان في استطاعته ومقدوره ولا ضرر عليه فيه فينبغي له فعله تطييباً لخاطرك لأن إكرام أهل الزوجة إكرام لها هي، واحذري أن تأخذي منه ما لا يجب عليه تحت سلطان الحياء، فإنه لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.

نسأل الله أن يفرج كربتكم وأن يحرر وطنكم من براثين المغتصبين ومخالب المعتدين، ويفك أسر المأسورين، ويمن بعودة المبعدين، ويحفظ بيضة وحمى الإسلام والدين إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وأما إساءة الزوج وهل تبيح للمرأة حق الامتناع عن فراشه إذا دعاها إليه فانظري في ذلك الفتوى رقم: 9572، والفتوى رقم: 51934.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني