الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أقوال أهل العلم في تبعية الصغير لوالديه في الدين

السؤال

رجل نصرانى متزوج من نصرانية وأنجبا ولدين هداه الله بعد ذلك للإسلام ولكن ظلت زوجته على دينها وكذلك الولدان، تزوج من أخرى مسلمة ورزقه الله منها بولد, ثم توفاه الله فكيف تقسم التركة بين زوجته النصرانية وولديها وبين الزوجة المسلمة وولدها؟ جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالرجل المذكور إذا مات مسلماً فلا ترثه زوجته النصرانية، أما ولداها فإن كانا وقت موته غير بالغين سن الرشد فلهما الإرث لأنهما يتبعان أباهما في الدين، وكذلك إذا كان أحدهما غير بالغ فله الإرث، وإن بلغا معاً وكانا نصرانيين فلا إرث لهما، وكذلك إذا كان أحدهما نصرانياً بالغاً فلا إرث له وترثه زوجته المسلمة وولدها، وتقسيم التركة على النحو التالي:

لزوجته المسلمة ثُمُن تركته وللأولاد الثلاثة ما بقي إذا كان ولداه من النصرانية محكوم بإسلامهما، وإن حكم بإسلام أحدهما كان الباقي للولدين المسلمين.

وإليك لمزيد من التفصيل نقل كلام أهل العلم فيما يتعلق بتبعية الصغير لوالديه في الدين، قال ابن قدامة في المغني ممزوجاً بالخرقي: (ومن أسلم من الأبوين، كان أولاده الأصاغر تبعاً له) وبهذا قال الشافعي. وقال أصحاب الرأي: إذا أسلم أبواه أو أحدهما، وأدرك فأبى الإسلام، أجبر عليه، ولم يقتل. وقال مالك: إن أسلم الأب، تبعه أولاده، وإن أسلمت الأم لم يتبعوها، لأن ولد الحربيين يتبع أباه دون أمه، بدليل الموليين إذا كان لهما ولد، كان ولاؤه لمولى أبيه دون مولى أمه، ولو كان الأب عبداً أو الأم مولاة، فأعتق العبد لجر ولاء ولده إلى مواليه، ولأن الولد يشرف بشرف أبيه، وينتسب إلى قبيلته دون قبيلة أمه، فوجب أن يتبع أباه في دينه أي دين كان. وقال الثوري: إذا بلغ خير بين دين أبيه ودين أمه، فأيهما اختاره كان على دينه، ولعله يحتج بحديث الغلام الذي أسلم أبوه، وأبت أمه أن تسلم، فخيره النبي صلى الله عليه وسلم بين أبيه وأمه، ولنا أن الولد يتبع أبويه في الدين، فإن اختلفا، وجب أن يتبع المسلم منهما، كولد المسلم من الكتابية، ولأن الإسلام يعلو ولا يعلى، ويترجح الإسلام بأشياء، منها أنه دين الله الذي رضيه لعباده، وبعث به رسله دعاة لخلقه إليه، ومنها أنه تحصل به السعادة في الدنيا والآخرة، ويتخلص به في الدنيا من القتل والاسترقاق وأداء الجزية، وفي الآخرة من سخط الله وعذابه، ومنها أن الدار دار الإسلام يحكم بإسلام لقيطها، ومن لا يعرف حاله فيها، وإذا كان محكوماً بإسلامه، أجبر عليه إذا امتنع منه بالقتل، كولد المسلمين، ولأنه مسلم فإذا رجع عن إسلامه وجب قتله، لقوله صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه. وبالقياس على غيره. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني