الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عدد الرضعات التي تثبت بها الحرمة

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيمتقدمت لخالي لخطبة ابنته وقد ذكرت لي زوجة جدي من أمي أنها قد أرضعتني ثلاث رضعات. بأني قد رضعت في كل مرة من ثديها حتى نزعت فمي وتكرر ذلك ثلاث مرات على حد قولها. فهل أكون بذلك أخا لخالي وعما لأبنائه؟وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فقد اختلف العلماء في القدر المحرم من الرضاعة، كما اختلفوا أيضاً في ما تثبت به الرضاعة.
أما بالنسبة للقدر المحرم من الرضاعة، فمنهم من قال: إن قليل الرضاع وكثيره محرم، ومنهم من قال: لا يحرم إلا ثلاث رضعات فصاعداً، وذهبت طائفة ثالثة إلى أنه لا يحرم إلا خمس رضعات، ولكل من هؤلاء دليله الذي يدعم به قوله، ويقوي به رأيه، ونحن نرى أن الرأي الأخير هذا أرجح، ودليله ما في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهنَّ فيما يقرأ من القرآن.
تريد أن نسخ تلاوة الرضعات الخمس تأخر إنزاله جداً، حتى إنه توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض الناس يقرأ خمس رضعات، ويجعلها قرآنا متلوا، لكونه لم يبلغه نسخ تلاوة ذلك لقرب عهده، وإنما رجحنا التحريم بخمس رضعات لأمرين: أولهما: أن الحديث نص صريح فيه، وثانيهما: فعل سهلة بنت سهيل حين أمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن ترضع سالماً من أجل أن تحرم عليه، فأرضعته خمساً، مما يدل على أنه كان مستقراً عندهم أنه لا يحرم إلا خمس رضعات، والقصة في سنن أبي داود.
أما ما تثبت به الرضاعة، فهذا أيضا محل خلاف بين العلماء، ولعل قول من قال: إنها تثبت بالمرأة الواحدة أرجح، لحديث عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت امرأة فقالت: لقد أرضعتكما، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: كيف وقد قيل؟ ففارقها عقبة" رواه البخاري.
فيتلخص مما تقدم أن الرضعات الثلاث التي أخبرت بها المرأة لا تحرم على القول الراجح، ولا تصير بها - أيها السائل - أخا لخالك، ولا عما لأبنائه، ومما لا شك فيه أن الأحوط والأبرأ للذمة أن لا تتزوج من بنات خالك هذا خروجاً من الخلاف، واحتياطاً للدين، وبعدا عما يريب، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك" كما في المسند والسنن.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني