الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

فرقة الغرابية وبعض معتقداتها الكفرية

السؤال

هل صحيح أنه يوجد مسلمون يقدسون سيدنا عليًا، ويكرهون جبريل، لأنه أتى بالوحي إلى سيدنا محمد، وكان المفروض أن ينزل على سيدنا علي؟
أنا أعتذر عن هذا الخرف، لكنني انصدمت، بل صعقت لما علمت بأن هناك طائفة من المسلمين تكره طائفة ثانية، بسبب أمور، وفرقة حصلت بعد وفاة نبي الأمة، وكان سببها أمور الحكم أي السياسة بالمعنى الحالي، ألم نصل بعد نحن المسلمين جميعاً إلى مستوى من العلم والرقي والوعي؟
ألا يجدر بنا في هذا الزمن أن ننظر إلى الخلافات الغابرة بوعي، ونتدارسها جميعاً من غير تعصب، مركزين على قول الله، وما صح من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد وجد من بعض الفرق التي تنتسب زورًا إلى الإسلام من زعم أن جبريل -عليه السلام- أرسل بالرسالة إلى علي، ولكنه نزل بها على محمد، فيزعمون أن جبريل خان الأمانة، وهذه الفرقة تسمى بالغرابية، وقد ورد ذكر اعتقاد هذه الفرقة المارقة في المنية والأمل لابن المرتضى ص 30، الفرق بين الفرق ص 225، الفصل لابن حزم ج 4 ص 140، وكتاب: لله ثم للتاريخ لحسين الموسوي ص 89، وشيخ الإسلام في عدة مواطن من كتابه منهاج السنة.

قال ابن حزم رحمه الله تعالى عن تلك الفرقة المارقة: فَمنهمْ الغرابة وَقَوْلهمْ: إن مُحَمَّدًا -صلى الله عَلَيْهِ- وَسلم كَانَ أشبه بعلي من الْغُرَاب بالغراب، وَأَن الله -عزَّ وَجلَّ- بعث جِبْرِيل -عَلَيْهِ السَّلَام- بِالْوَحْي إِلَى عَليّ، فغلط جِبْرِيل بِمُحَمد، وَلَا لوم على جِبْرِيل فِي ذَلِك، لِأَنَّهُ غلط، وَقَالَت طَائِفَة مِنْهُم: بل تعمد ذَلِك جِبْرِيل، وكفروه ولعنوه لعنهم الله. اهـ.

واعلم -أخي السائل- أنه لا خلاف بين العلماء في كفر من اعتقد هذه العقيدة، وأنه ليس من المسلمين، لأن هذا تكذيب صريح لقول الله تعالى: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِك {الشعراء: 193-194} ولقوله تعالى: قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ {النحل:102}.

ولا شك أن ما ذكرت الأخت السائلة من أنه يجدر بنا النظر للخلافات السابقة بوعي من غير تعصب معتمدين على الكتاب والسنة الصحيحة، لا شك أن هذا هو الحق، ولو عمل به المسلمون لزال الكثير، بل كل الخلافات بينهم، ونسأل الله أن يجمع شمل الأمة على الحق، وانظري للفائدة الفتوى: 35574.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني