الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توفي عن زوجة وأولاد ذكور وإناث

السؤال

توفي والدي رحمه الله والورثة هم أمي وستة أولاد وبنتان من أمي و8 بنات من أبي وجميعنا متزوجون ورثنا أرضا وعمارة بها 10 شقق إحداها تسكن بها أمي ومنزل كبير كان تحت الإنشاء.. بعد وفاة والدي قمنا بإكمال المنزل من حساب والدي رحمه الله حسب وصيته وبعد ذلك قسمنا الإرث بالكامل على أخواتي العشر إلا واحدة رفضت أن تأخذ حقها وتقول إنها تريد أن تستثمره وتشاركنا في العشر شقق لكي يزيد مع السنين ونحن الأبناء نرفض، حاولنا مراراً وتكراراً وهي ترفض، فما الحل معها؟ وهل فعلا إذا بقي معنا يستلزم علينا إعطاؤها أكثر من حق الورثه البنات الباقيات، أم يبقى كما كان حقها وقت التوزيع... وهل يحق لنا أن نتصرف في مالها بما أنها ترفض استلامه؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

من حق أختكم أن تحتفظ بنصيبها مما تركه والدها ولا تأخذ عنه قيمة مهما كانت.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن التركة المذكورة تقسم على النحو التالي -بعد إخراج الحقوق المتعلقة بها- إذا كان أهلها محصورين فيمن ذكر:

للزوجة أو الزوجات الثمن فرضاً، والباقي للأبناء تعصيباً للذكر منهم ضعف نصيب الأنثى، وكيفية قسمتها تكون على أحد أنواع القسمة الثلاثة المعروفة عند أهل العلم وهي: المهايأة، والمراضاة أو الاتفاق، وقسمة القرعة.

فالمهايأة: أن يستغل بعض الورثة المتروك بالسكنى أو بالإيجار فترة معينة تتناسب مع حصته من التركة، فإذا انتهت هذه المدة انتقل المتروك إلى غيره من الورثة وهكذا.

وأما المراضاة فهي: أن يتفق الورثة ويتراضوا على طريقة للتقسيم فيأخذ كل واحد منهم غرفة أو شقة أو قطعة أو شيئاً يساوي حصته أو أكثر منها أو أقل على أنه هو نصيبه من التركة، فهذه القسمة جائزة أيضاً ولو حصل فيها غبن لبعض الورثة إن كان راضياً رشيداً بالغاً فلا مانع منها شرعاً، ولا يجوز الغبن فيها لمن لم يكن راضياً أو بالغاً رشيداً.

وأما قسمة القرعة فهي: تقسيم قيمته على الورثة كل حسب نصيبه من التركة، فيأخذ مقابلها جزءاً من المنزل أو غيره أو يباع الميراث إذا لم يكن قابلاً للقسمة ويعطى كل واحد منهم نصيبه من ثمنه.

وعلى هذا فإذا كنتم قسمتم التركة على أحد هذه الأنواع فإن القسمة صحيحة، ولكن لا يحق لكم إخراج أحد من الورثة بقيمة نصيبه إلا برضاه وطيب نفسه، ولذلك فإن من حق أختكم وغيرها من الورثة الاحتفاظ بنصيبها من الأرض والعمارة والمنزل، كما أنه لا يلزمكم إعطاؤها أكثر من نصيبها الذي هو نصف نصيب الذكر -كما أشرنا- وإذا تنازل بعض الورثة من الأخوات أو غيرهن عن نصيبه أو جزء منه برضاه وطيب نفسه فلا مانع من ذلك بشرط أن يكون رشيداً بالغاً، ولا يحق لكم التصرف في نصيب أختكم ولا غيرها إلا برضاها.

ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وراث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني