الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من ترك واجبا أوشرطا في الصلاة جهلا هل تلزمه الإعادة؟

السؤال

بالنسبة لغسل الجنابة يجب تعميم ظاهر الجسم بالماء، كنت أصب الماء على الجسم عند الغسل لكن لاحظت أن رأس القضيب تلتصق بالقضيب فلا يظهر مكان الختان إلا إذا أزحت رأس القضيب باليد، لم أزح رأس القضيب حتى يظهر مكان الجلدة المزالة بالختان حتى يصل الماء لهذا الجزء أثناء غسل الجنابة لأني لم ألتفت لهذا الموضوع إلا قريبا عندما كنت أقرا فى أحد كتب الفقه فقرأت أنه يجب إيصال الماء لهذا الجزء، السؤال هل يعفى عن ذلك للجهل أم يجب إعادة صلوات سنوات عديدة، وهل إذا صب الشخص الماء على الجسم لغسل الجنابة ولم يصل للسرة لأنها داخلة وليست ظاهرة فلم يصل الماء إليها ولم يدرك ذلك إلا بعد سنوات عديدة من الصلاة، فهل يجب عليه إعادة صلوات السنوات أم لا يجب الإعادة لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. فأرجو التفصيل فى موضوع الخطأ الناتج عن الجهل فى الطهارة أو الصلاة هل تجب فيه الإعادة أم تسقط نتيجة الجهل؟

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

يجب تعمييم سائر البدن بالماء في غسل الجنابة، فإن بقي جزء لم يصل إليه الماء من ظاهر الجسم وما في حكمه مما يخفى من الجسم مثل السرة والرفغين ونحو ذلك لم يصح الغسل، ولم تصح الصلاة ويجب القضاء سواء وقع ذلك عمداً أو جهلاً أو نسياناً عند الجمهور، ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية أن من جهل واجباً أو شرطاً من شروط الصلاة ثم علمه فلا إعادة عليه فيما مضى.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن كان الأخ السائل كان يعمم جسمه بالماء بما في ذلك خفايا الجسم التي لها حكم الظاهر مثل داخل السرة ونحوه من كل موضع ينبو عنه الماء أو لا يصل إليه كالرفغين والإبطين فإن غسله صحيح، إذ لا يشترط إمرار اليد على الجسم على الصحيح، قال ابن قدامة في المغني: ولا يجب عليه إمرار يده على جسده في الغسل أو الوضوء، إذا تيقن أو غلب على ظنه وصول الماء إلى جميع جسده، وهو قول الحسن والنخعي والشعبي وحماد والثوري والأوزاعي والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي. وقال مالك: إمرار يده إلى حيث تنال يده واجب. انتهى.

وإن كان الماء لا يصل إلى هذه الأماكن فإن الطهارة لم تكتمل، وبالتالي فهو ملزم بإعادة الصلوات التي كان يصليها وهو على غير طهارة كاملة، فإن لم يدر عددها اجتهد وأعاد ما يغلب على ظنه براءة ذمته، ولبيان كيفية القضاء راجع الفتوى رقم: 31107.

أما ما ذكر من أن القضيب لا يصل إليه الماء إلا بعد إزاحة ما يغطيه أو يغطي بعضه فإن هذا بالنسبة للمختون أمر غير معهود، ولعل توهم هذا الأمر ناتج عن الوسوسة، ولكن لو تحقق الأخ السائل أو ظن ظناً قوياً أن الماء لا يصل إلى ذلك المحل فإن الغسل لا يتم إلا بإيصال الماء إلى جميع البدن الظاهر، وتكون المسألة داخلة فيما تقدم من حكم الصلاة مع عدم اكتمال الطهارة وما يترتب على ذلك من وجوب القضاء.

هذا وإن الجهل لا يعذر به فيما يتعلق بالإخلال بطهارة الحدث، قال في كشاف القناع: والشرط ما يتوقف عليه صحة مشروطه إن لم يكن عذر، فمتى أخل بشرط لغير عذر لم تنعقد صلاته ولو ناسياً أو جاهلاً. انتهى.

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى إلى أن من ترك مثل هذا جاهلاً بحكمه أنه تجب عليه إعادة صلاة الوقت والالتزام به في المستقبل، ولا تجب عليه إعادة ما مضى، واستدل على ذلك بأدلة كثيرة، فقال في مجموع الفتاوى: وأما من لم يعلم الوجوب فإذا علمه صلى الوقت وما بعدها ولا إعادة عليه، كما ثبت في الصحيحين أن النبي قال للأعرابي المسيء في صلاته: ارجع فصل فإنك لم تصل، قال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني ما يجزيني في صلاتي فعلمه، وقد أمره بإعادة صلاة الوقت ولم يأمره بإعادة ما مضى من الصلاة مع قوله لا أحسن غير هذا، وكذلك لم يأمر عمر وعماراً بقضاء الصلاة، وعمر لما أجنب لم يصل، وعمار تمرغ كما تتمرغ الدابة. ولم يأمر أبا ذر بما تركه من الصلاة وهو جنب، ولم يأمر المستحاضة أن تقضي ما تركت مع قولها: إني أستحاض حيضة شديدة منعتني الصوم والصلاة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني