الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم كون أجرة السمسار نسبة من المبيع

السؤال

سعيت في بيع أرض واتفقت مع المشتري على نسبة من قيمة الأرض إذا أتيت له بالبائع فوافق المشتري، إلا أن المبلغ المتفق عليه كان كبيراً جداً يقدر بالملايين لذا لم يرد الإيفاء بوعده وأعطاني مبلغا بسيطا ترضية لي، رغم أن هذا الشخص يحذر الربا ولو جاءه من طريق الربا مئات الألوف لما قبلها ولكنه أجاز لنفسه أن يلتفَّ علي بعد ما قابل الطرف الثاني وانتهى دوري ولم يعد بحاجة إليَّ، السؤال: أيهما أشد إثمًا الربا أم السرقة، وأي منهما أشد خطراً وأكبر ضرراً على الناس، وهل أحياناً تكون السرقة وخيانة الأموال أخطر من الربا؟ وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

خلاصة الفتوى:

مذهب جمهور أهل العلم أن جُعل السمسار لا يجوز أن يكون نسبة مئوية، بل يكون مبلغاً محدداً، ثم إن ما ورد من الوعيد في الربا لم يرد مثله في شيء غيره، لذا رأى كثير من أهل العلم أنه أكبر عند الله من سائر الذنوب.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن ما قمت به من السعي في بيع الأرض يسمى في الفقه بالسمسرة، والسمسار هو الذي يتوسط بين المتعاقدين، ويسهل مهمة العقد مقابل مبلغ يأخذه منهما أو من أحدهما، والفقهاء يعدون السمسرة من باب الجعالة، قال البخاري: باب أجر السمسرة، ولم ير ابن سيرين وعطاء وإبراهيم والحسن بأجر السمسار بأساً. انتهى.

ويشترط لصحة أجرة السمسار أن تكون معلومة، فلا يجوز أن تكون نسبة من قيمة الأرض، لأنها حينئذ جعالة بمجهول، وقد أخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره. هذا هو مذهب الجمهور، وذهب بعض أهل العلم إلى جواز كون الأجرة نسبة، قال في كشاف القناع: (ولو دفع عبده أو) دفع (دابته إلى من يعمل بها بجزء من الأجرة) جاز (أو) دفع (ثوباً) إلى من (يخيطه، أو) دفع (غزلا) إلى من (ينسجه بجزء من ربحه) قال في المغني: وإن دفع ثوبه إلى خياط ليفصله قمصانا ليبيعها وله نصف ربحها بحق عمله جاز، نص عليه في رواية حرب وإن دفع غزلاً إلى رجل ينسجه ثوباً بثلث ثمنه أو ربعه جاز، نص عليه (أو) دفع ثوباً إلى من يخيطه أو غزلاً إلى من ينسجه (بجزء منه) مشاع معلوم (جاز). انتهى.

وعلى القول بفساد العقد تكون الأجرة المستحقة لك هي أجرة المثل، أي القدر الذي عادة يمكن أن يعطى لمن يقوم بمثل ما قمت به أنت من العمل.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك، فإنه لم يرد في شيء من الأمور المنهي عنها ما ورد في أمر الربا، لأن الله تعالى أعلم فيه بالحرب، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ {البقرة:278-279}، وليس هذا تخفيفاً لأمر السرقة والخيانة، وإنما هو تأكيد على أن الربا من أكبر الكبائر وأعظمها عند الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني